لقد كانت لحظة مخيفة ... امتلاء الغرفة بالعديد من النوافذ المظلمة و الاضواء الحمراء بث الرعب في قلوب الداخلين عندما دخلوا , طلب منهم اخذ اماكنهم في الكراسي الموجودة و التي اعطت انطباعا عن المكان بأنه صف دراسي الا انه بأنظمة مختلفة تختلف تماما عن انظمة المدرسة العادية . اخذ احدهم مكانه مع رفاقه و هم ينظرون الى رجلين وقف احدهما و هو يرتدي بزة حمراء عسكرية قد امتلأت بمختلف الاوسمة و بنطالا ابيض اللون ... كان اشبه ببيدق انكليزي مستعد للقيام بالخطوة الاولى في اي لعبة للشطرنج ... لم يجد في هذا المكان اي شيء ينسيه حياته السابقة الا تلك اللعبة الممتعة و قد تفوق على كل من واجهه فيها و لفت انظار ذو البزة الحمراء اليه فقد كان من يدير هذا المكان الغير معروف في اي مكان كانوا يسمونه الدير الجديد فقط اذ انه شبيه بالدير و ليس بمدرسة

" سأنادي كل منكم بإسمه و على كل واحد منكم الاجابة بحاضر" نادى الرجل الاخر الذي كان جالسا موجها كلامه الى الحاضرين ... كان معروفا بلقب المستشار و كان يجب على الجميع مناداته بهذا الاسم

" جوناثان ويسكر ...؟؟"...

"حاضر" اجاب احدهم

" سيلفيا ويسكر ...؟؟"

"حاضرة" ... اجابت احدى الفتيات

" ادوارد ويسكر...؟؟؟"

"حاضر"

"بنجامين ويسكر ...؟؟"

" حاضر "

"باتريسيا ويسكر"

" حاضرة"

" البرت ويسكر"

" انا هنا "

رد الاخير و كأن في لهجته نوع من السخرية و استشاط المستشار غضبا

" لقد حذرتك مرارا من مخالفة القوانين البرت ...!"

" لماذا انت غاضب سيدي المستشار ؟ ... هل هناك من فرق بين كلمة حاضر و كلمة انا هنا ... الا تعنيان الامر نفسه " رد البرت بهدوء تام

" القوانين تقول ان تلتزم بما يقوله المستشار حرفيا و انت تحاول السخرية هنا ...!" رد المستشار و الغضب مازال باد على ملامحه "لا بد من معاقبتك عقابا اشد مما رأيته سابقا" اضاف مهددا

" و انا فعلت ... لم اسخر منك بجملتي كما اعتقدت انما اردت ان اغير طريقة الاجابة التي يرددها الاخرون طوال الوقت كالببغاوات " رد البرت غير مكترث بالعقوبة التي توقع ان تتخذ بشأنه

" ايها اللقيط ... " ردد المستشار و هو ينهض لكن الرجل ذو البزة الحمراء وضع يده على المستشار الذي نظر اليه في حيرة بينما رد الاخر بإيماءة مفادها بأن يجلس مكانه

" حسنا البرت " قال ذو البزة الحمراء ... " ان تحدي هذه المؤسسة ليس بالامر الهين لولد في مثل عمرك ... ان ما قلته صحيح ... حاضر و انا هنا تحملان نفس المعنى لكن الفرق شاسع بينهما ... فحاضر تعني الاحترام و هي كلمة واحدة مختصرة و مقتبسة من الكلام اللبق, بينما انا هنا فهي جملة يتداولها السوقيون وبعض الجهلة و نحن في مؤسسة امبريلا نعلم الاولاد الاحترام و اللباقة ,فقلة الكلام تدل على الرجل الحكيم و كثرته تدل على حماقته و لا اعتقد انك من الحمقى يا البرت اليس كذلك؟؟؟"

نظر الولد ذو الاعوام العشر الى ذي البزة الحمراء و فكر بكلامه و كان نوعا ما مقنعا "لا سيدي لست احمقا"

" سعيد بسماع هذا " ... قال الرجل " ان احسنت التصرف و التزمت بقوانين المؤسسة... من يدري فقد تصبح مسؤولا كبيرا فيها ذات يوم " اضاف قائلا و قد علت ملامحه ابتسامة طفيفة قلما لاحظ البرت مثلها

كان البرت بارعا بإغضاب الجميع من حوله و خصوصا ذلك المستشار الذي عاقبه عدة مرات ...من الرمي بالحجارة من قبل الاولاد الاخرين الى التعري تحت المطر في الطقس البارد الى حمل اوزان تتجاوز وزنه بينما يسير على الجمر

كانت عقوبات جد قاسية على ولد مثل البرت لكنه اعتاد العقوبات جميعها و اصبحت ملامح وجهه الجميل تميل للخشونة و القسوة و بجانب ذلك كان ذكاؤه الجانب الافضل فيه فلعبة الشطرنج اكبر دليل على ذلك

" ان المؤسسة قد احضرتكم الى هنا لانها تؤمن انكم الوحيدين القادرين على انقاذ العالم و تغييره للافضل ستخوضون تدريبات شاقة و سنعمل على رفع مستوى ذكائكم لتكونوا اولئك الابطال " قال المستشار بعد برهة..,

لكن البرت لم يكن يستمع اليه .. كان مازال ينظر الى ذي البزة الحمراء و يفكر بكلامه ..." قد تصبح مسؤولا كبيرا ..." ثم اخذت بعض كلمات المستشار تستقر في رأسه " القادرون على انقاذ العالم و تغييره ليصبح بحال افضل " ... " ان كان العالم بحاجة للتغيير فسيكون البرت ويسكر سعيد ا بهذا الشرف صحيح انه مازال طفلا الا انه يحمل في رأسه الكثير من الاحلام و كان مقتنعا ان من ينقذ العالم هو شخص واحد و ليس اشخاصا متعددين لذلك كان عليه ان يكون ذلك الشخص و التفت البرت الى احدى النوافذ المظلمة في الدير و فكر " سأخرج يوما الى ما وراء هذا المكان و اكون منقذ العالم .. لن يوقفني احد و لن تعنيني تلك الترهات التي يدعونها بالقوانين "

اعاد البرت ناظره الى ذي البزة الحمراء فوجده ينظر اليه و قد امتلأ ثقة بنظراته القوية و جعلت هذه النظرات عدوى الثقة تنتقل الى البرت كان يعرف ان ذي البزة الحمراء قد اعجب به و عليه ان يثبت له انه ليس احمقا يحاول افتعال المشاكل في المؤسسة بل رجل حكيم يعلوه حماس ضخم ليصبح رجلا مهما ذات يوم و رد البرت نظرات الثقة الى ذي البزة الحمراء... يجب عليه ان يتبع هذا الشخص فهو بالتأكيد سيدله على الطريق و على الباب

و تخيل ان كلاما خفيا دخل رأسه

" ستدخل التاريخ البرت ويسكر ... لا اعرف متى و لكن ما اعرفه ان لكل رجل عظيم وقت ما و سيأتي وقتك حتما "