ظل يردد في نفسه أنه لم يخاطر بمغادرة بيس ميليون والتسلل خلسة إلى الميزان خصيصا من أجلها. لقد جاء للقاء من يزعم أنه قائد جماعة المخلب الأبيض زكس مركيز ... أليس كذلك؟ حاول عبثا أن يقنع نفسه بذلك وهو يتجول خفية في أروقة السفينة, بحثا عن الغرفة التي يُحتمل أن يكون الأخ الكبير قد سجن فيها أخته رلينا بيسكرافت ...

"رلينا"

يستطيع أن يشعر بالرعشة التي يبثها هذا الاسم في صوته دون أن يجهر به. وحين وقف أمام باب غرفتها, وقبل أن تطبع أصابعه الأرقام السرية التي تفتحه, تساءل كيف يمكنه أن يكبح الزلزال الذي سيعتري داخله بمجرد رؤيتها.

وفُتح الباب قبل أن يعرف الإجابة ...

كانت تقف وظهرها إلى الباب تتأمل الفضاء من خلال الزجاج, لم تكلف نفسها عناء الالتفات إلى القادم, لكن صوتها المليء بالإباء اخترقه كعيار طائش ... ثم التفتت إليه بدهشة عندما سمعت صوته ...

"هيرو؟"

ما أعجب هذا الاسم! كيف يتحول من مجرد اسم مستعار إلى هوية حقيقية بمجرد أن تنطقه!

لكنها ... هي ... لا تدرك أنها التي صنعت له هوية شخصية ... وأن اللاوعي في داخله تبنى فعلا ذلك الاسم الذي لم يكن له لأنه خرج ... من بين ... شفتيها ...

لأمر ما أشاح بوجهه عنها ... لم يستطع النظر إليها ... وهو الذي كان عطشا لكل تفاصيلها.

"هيا بنا"

"لحظة يا هيرو, لن أغادر قبل أن أكلم أخي"

شعر أنه لا يستطيع أن يرفض لها هذا الطلب. لطالما كانت رلينا صاحبة قضية. وقضيتها هي حياة كل فرد على الأرض والقرى الفضائية ... وهم جميعا مهددون بحرب سيشنها مخلب ليوناردو بيسكرافت ...

ومشت في إثره عبر أروقة وممرات السفينة ... كذلك كان شأنها منذ أن التقت به طريحا على ذلك الشاطئ. وكلما بحثت عنه كانت تجده أمامها. أما هو فكلما نظر خلفه وجدها هناك ... رغم أنه قبلها ما كان لينظر خلفه!

حين أغلق الباب عليهما في تلك الغرفة, شعرت أن الزمن يمكن أن يتوقف هنا ... راحت تتأمل أصابعه وهي تتراقص بخفة ومهارة على لوحة المفاتيح, وعيناه العنيدتان تتفحص الشاشة في غفلة عنها ... هناك شعرت برغبة في البوح ... بأي شيء ... إذا كان قد جاء بنفسه من أجلها, فلِمَ تدع الأمور عالقة بينهما؟

"أنت شخص رائع"

بداية سيئة ... ماذا سيقول عنك الآن؟

عقدت يديها خلف ظهرها واتكأت على الطاولة ... ولأول مرة بدت أرضية الغرفة مثيرة للانتباه ... ولم تستطع أن ترفع عينها عنها وهي تتكلم ... وتساءلت إن كان منتبها لما تقول ... في مشهد حاولت أن تتجاوز فيها حدود التلميح إلى التصريح, حتى إذا وصلت لقولها: "أفهم أنك ..."

"أجل"

وفاجأها اعترافه ...

"افهمي أنني وجدت زكس ماركيز"