غرفة نادي التنس للذكور في ثانوية سيغا الشهيرة

هل أنت بخير؟ ..

تساءل فوجي و هو يتطلع إلى تيزوكا ، الذي أمسك ذراعه لا شعوريا ، في لحظة اعتقد فيها أن غرفة النادي فارغة من سواه ، لذالك و رغم قدرته الهائلة على ضبط انفعالاته ، إلا أنه لم يتمالك نفسه من الشعور بالدهشة و هو يتطلع إلى فوجي ، الذي دخل في تلك اللحظة ، و هو مازال يرتدي زي التدريب الرسمي لفريق كرة المضرب الشهير..

ما الذي تفعله هنا ؟ !.

قال تيزوكا وهو يتجاهل الرد على السؤال القلق و يسرع بارتداء سترة الزي المدرسي ، لكنه لم يستطع تجاهل الخفقان السريع لنبضات قلبه عندما أغلق فوجي الباب بإحكام و هو يتجاهل بدوره الرد على السؤال ، الذي لم يكن له معنى في الواقع ، و بخطوات هادئة ، غير مسموعة ، اقترب عبقري سيغا الشهير من الكابتن الرواقي ورفع يده اليمنى و وضعها على صدر تيزوكا الذي تطلع اليه بحيرة خاصة عندما دفعه فوجي ببطء الى الخلف ليجلس على مقعد التبديل ، و بصوت هادئ لا مجال فيه لأي تردد قال ، و هو يضع يديه على كتفي تيزوكا من كلا الجهتين :

دعني أرى اصابتك ..

أنا بخير ..

حاول تيزوكا القول باعتراض لكن فوجي كان قد نزع سترته المدرسية فعلا و انتظر بصبر أن يفك أزرار قميصه ، و هو ما فعله تيزوكا بعد لحظة تردد لم تتجاوز الثانية ، إنه يعلم انه لا يستطيع رفض طلب فوجي – متى فعل حقا؟ ! – خاصة عندما تكون دوافعه نابعة من اهتمام و قلق صادقين على سلامته ، و هكذا انتظر بصمت أن ينهي فوجي فحصه ، بعيون حادة و لمسة خبيرة تتبعت أنامله الرشيقة أعصابه على طول الساعد مرورا بالذراع و انتهاءا بكتفه الأيسر قبل أن يتراجع مع تنهد خفيف يعكس ارتياحه و يتطلع إلى عيون تيزوكا العسلية التي ترمقه في هدوء من خلف زجاج نظارته من دون اطار ، كانت نظرة دافئة لم يرها أحد سواه.

هل تؤلمك ؟

تساءل فوجي و هو يركع على ركبتيه أمامه و حرك تيزوكا رأسه في نفي و هو يقول :

- ... كنت أتذكر و حسب .. لقد كان مثل اليوم تماما قبل سنتين.

- أووه ... أنا أسف .

قال فوجي و هو يضع رأسه على ركبة تيزوكا و يترك جسده يسترخي تحت تأثير لمسة اليد التي تداعب خصلات شعره الناعم .

ليس هناك ما تعتذر عنه ، لم تكن غلطة أحد سواي في الواقع...

" ميتسو...! "

غمغم فوجي باستنكار و هو يرفع رأسه للنظر إلى تيزوكا ، الذي منحه ذات الابتسامة الخاصة الدافئة ، و انحنى ليضع جبهته على جبهة فوجي و هو يتابع :

... لقد كنت مغرورا .

بل كنت مراعيا .

قال فوجي بتصويب و أمال رأسه للخلف كي يتمكن من طبع قبلة خاطفة على شفاه تيزوكا المتفاجئ و الذي أصبح لون وجنتيه أحمر من الخجل و وجد نفسه يغمغم بارتباك :

" سيوسكي ؟؟ "

ابتسم فوجي و هو ينهض واقفا و يجر معه تيزوكا قائلا :

من اليوم لن تتذكر إلا الذكريات الجيدة .. أعدك .

ثم سحب تيزوكا نحوه في قبلة أعمق حتى كادت أنفاسهما تنقطع و عندما افترقا كان كلاهما بلون البندورة الطازجة ولكن بتعبير راض جدا، قبل أن يقول فوجي و هو يتجنب النظر إلى تيزوكا مباشرة :

أعتذر ..أنا لم استحم بعد و رائحتي ..

لم يكمل عبارته لان تيزوكا عانقه فجاة و قبله بشغف قبل أن يقول ، و هو يتطلع بحب الى عينيه الزرقاوين كأفق السماء و البحر في يوم صيفي بهيج :

هكذا ستكون الذكرى أكثر قوة ...

عشر دقائق .. سوف استحم بسرعة و أعود بعدها ..

قال فوجي و هو يسرع بالفرار نحو غرفة الاستحمام تاركا تيزوكا واقفا بذهول ، قبل أن ترتسم ابتسامة صغيرة على شفتيه و هو يغمغم محدثا نفسه باستمتاع :

" إذن هو ما زال يشعر بالخجل رغم كل شيء ."

ثم انتبه إلى أمر ما ، فاتسعت ابتسامته أكثر و ..

نسيت المنشفة ..

قال فوجي و هو يعود للغرفة و يتجه نحو خزانته متحاشيا مجددا النظر مباشرة إلى تيزوكا الذي أجابه بهدوء لا يخلو من مرح :

كنت على وشك احضارها لك .

أه .. شكرا لك .

قال فوجي و هو يلتقط منشفته من الخزانة قبل أن يتجمد في مكانه و هو يشعر بأنفاس تيزوكا على عنقه ويدرك أن الشاب الوسيم يقف خلفه تماما وأن جسده الطويل يميل نحوه ليحاصره مع خزانته .

ميتسو ...

غمغم فوجي مستجمعا نفسه المضطربة ، فيما مال تيزوكا أكثر نحوه ليرد بهمهمة و هو يداعب المجال الفاصل بين أذنه و كتفه بلمسة من شفاهه :

هممم...

سوف نتأخر في العودة .

قال فوجي و هو يلتفت لمواجهته بكل ما أمكنه من إرادة و جاء جواب تيزوكا بعد همهمة أخرى و هو يداعب خده :

... لكن لا أحد ينتظرنا في المنزل أليس كذالك؟

أه ..

رد فوجي و هو يتذكر أن كلا من عائلته و عائلة تيزوكا لن تكون متواجدة طوال نهاية الأسبوع لأسباب مختلفة ..

... إذن ؟ !

جاء التساؤل ليسحب فوجي من أفكاره و تطلع بحيرة الى سيد قلبه الذي ابتسم وهو يعيد طرح سؤاله باختصار:

بيتي أم بيتك ؟ .

هز فوجي كتفيه، كيف يمكن لهذا أن يكون مهما حقا ؟ سوف يمضي نهاية الأسبوع كلها مع تيزوكا ، من دون أي أعذار أو حجج ، هذا وحده كفيل بجعل الجحيم نفسه يصبح جنة . مع ذالك يجب أن تكون الأمور مثالية، لذا..

أنا لم استحم بعد .

قال فوجي و هو ينسحب برشاقة و خفة نحو الحمامات تاركا تيزوكا مذهولا للمرة ...؟

منزل تيزوكا صباح اليوم التالي ...

تطلع تيزوكا إلى جسد فوجي الغارق في النوم إلى جواره و ابتسم قليلا و هو يسحب الغطاء عليه ، لقد فعلاها مجددا ، و هذه المرة لم يكبح نفسه على الإطلاق ، مازال يستطيع سماع أهات و تأوهات فوجي التي تمزج بين الألم و المتعة ، لقد اخترقه عدة مرات و قذف داخله من دون أي وسائل للحماية ، بالنهاية هو لا يفعلها مع أي شخص أخر سوى فوجي ، هو ينتمي له كما ينتمي فوجي إليه. جسدان بروح واحدة ، هذا هو شعوره بعد مرور عام كامل على بدء علاقتهما العاطفية . لم يكن الأمر سهلا عليهما في البداية أبدا ، لقد كانا في الثالثة عشر فقط ، حسنا هو كان كذالك لأن فوجي أصغر منه ببضعة شهور ، إن لم تكن سنوات ، إذا أخذنا حقيقة تاريخ ميلاده بالحسبان . ابتسم أكثر و هو يتذكر مزاح فوجي بشأن فارق السن الكبير بينهما و كيف أنه يبدو أكبر من سنه الحقيقية . في الواقع لطالما وجد فوجي طريقة لإشعاره بالسعادة ، في الوقت الذي يتطلع فيه الآخرون لما سوف يقدمه كان الفتي المبتسم يعطيه بلا حدود ، لقذ منحه تفهما و دعما و ثقة دون انتظار المقابل ، كان أول صديق له يتجاوز معه حواجز علاقات المدرسة و النادي ، صديق لم يشعر بالإشمئزاز منه عندما كاشفه أدق أسراره و لم يجعله يشعر يوما بالندم على ذالك ...

و لكن هل جعل فوجي يشعر بذات المشاعر ؟ هل يفكر فيه الفتى العبقري بنفس الطريقة ؟ الحقيقة هو لا يعلم، علاقتهما قوية ؟ هذا مؤكد، و مع ذالك فهي بدون اسم ، أكثر من صديقين و أقل من حبيبين ربما ؟ صحيح أنهما مارسا الجنس معا عدة مرات و لكن لم يكن هناك اعتراف أو وعود ... لماذا ؟ هو حقا لا يدري .. ربما ..

انقطع حبل أفكار تيزوكا فجأة و هو يشعر بحركة فوجي إلى جواره ، كان حاكم عقله يستيقظ أخيرا ...

صباح الخير .

قال تيزوكا و هو يتطلع الى العيون الزرقاء الناعسة التي رمقته بحيرة لبعض الوقت قبل أن يستوعب صاحبها الوضع و يغمغم بشيء من الإرهاق في صوته :

صباح الخير .

هل نمت جيدا ؟

تساءل تيزوكا و هو يزيح خصلة من الشعر الناعم عن جبين فوجي الذي رمقه لجزء من الثانية بدهشة قبل أن يهز رأسه بجواب صامت التوكيد .

جيد ، الإفطار سوف يجهز خلال دقائق . يمكنك أخد حمام في هذا الوقت .

قال تيزوكا و هو ينحني ليطبع قبلة على جبينه ، قبل الابتعاد عنه بشيء من التردد و مع ذالك نجح في أن يخطو خارج السرير و هو يقول بشيء من الحماس :

لدينا الكثير لننجزه اليوم فلا تتأخر ..

هه ؟ ! .. ما الذي تتحدث عنه ؟ !

تساءل فوجي بحيرة و قد اختفي أثر النعاس من عينيه بعد ما سمعه و وجد نفسه يتطلع إلى تيزوكا الذي بلغ الباب و استدار ليواجهه بابتسامة صغيرة و هو يقول :

هل نسيت ؟ لقد وعدتني بالأمس أن تمنحني ذكريات جيدة ، عليك الوفاء بوعدك و إعطائي شيئا مميزا اليوم .

هه .. اليوم ؟ ما الذي يفترض بي فعله مع هكذا طلب مفاجئ ؟

تساءل فوجي و الحمرة تغزو وجهه بالكامل ، هو لم يكن يوما من النوع الذي يتراجع عن وعد قطعه و لو كلفه ذالك حياته .

لديك بضع دقائق لتفكر بشيء مناسب أيها العبقري ..

قال تيزوكا بمرح و هو يغادر بسرعة ، إن النظر إلى وجه فوجي الخجول يجعله يفكر بفعل أمور غير لائقة في الصباح ، ليس بعد ما حدث بينهما في أخر ليلة على كل حال ، فوجي يحتاج للراحة ، و هو سوف يقنع عقله المنحرف بذالك ، أو على الأقل سيحاول .

بعد حوالي ساعتين و نصف ...

تطلع تيزوكا إلى الجدول المائي الأزرق أمامه و عاد بنظره إلى فوجي ، الذي كان على بعد خطوات منه ، يبحث في حقيبة ظهره عن شيء ما . لقد اختار فوجي هذا المتنزه الغابوي الجميل على بعد ساعة بالقطار ليقوما بالتخييم فيه ، مكان بغاية الروعة و الهدوء و يناسب هوايات تيزوكا و فوجي معا ، يمكنهما الصيد والتقاط الصور و هناك منحدرات كافية للتسلق و أماكن ملائمة للتخييم .. إنه ...

" كالجنة"..

وجد تيزوكا نفسه يهمس برضا شديد و هو يتنفس براحة .

يسعدني أنه أعجبك ..

قال فوجي و هو يقف إلى جواره فجأة وآلة التصوير في يده و ابتسامة متألقة على شفتيه ، و فكر تيزوكا "إنه يحب هذه الابتسامة ، هو يراها على وجه فوجي كلما كانا معا ، إنها ابتسامة مخصصة له ،هو وحده فقط ".

ابتسم تيزوكا لأفكاره الغريبة و ..( صوت ) لقد تم التقاط صورته وهو يحلم أحلام اليقظة ، كم أصبح عدد صوره الشخصية لدى فوجي الأن ؟ العشرات ؟ !، بالمقابل هو لا يملك ولا صورة واحدة خاصة لفوجي ! تنهد في أفكاره الغريبة قبل أن يحسم قراره قائلا و هو يلتفت مجددا نحو عبقري الفريق الذي كان يتفحص الصور برضا تام :

" سيوسكي ."

التفت إليه الشاب مندهشا لنبرة صوته الحازم ،لكنه تابع قبل أن تخونه شجاعته :

دعني التقط صورة لك.

التعبير الذي ارتسم على وجه فوجي كان مذهلا ، العيون الزرقاء مفتوحة على وسعها بنظرة متفاجئة بكل معنى الكلمة ، "ترى هل أخطأ في طلبه ؟ " ، تساءل تيزوكا في نفسه بقلق ، لكن ملامح فوجي عادت إلى هدوئها ،والابتسامة الحلوة استقرت مجددا على شفتيه ،وهو يمد له يده بالكاميرا قائلا :

من فضلك ..

بعد ضبط الوضعية و التأكد من إعدادات الآلة ، وجد تيزوكا نفسه يتطلع إلى فوجي من خلف العدسة و غمره شعور غريب فجأة ، كما لو أنه يتطلع إلى مخلوق أسطوري جليل ، هبط أمامه فجأة و غمر وجوده كله بالدفء و المحبة ، شريط من الذكريات المميزة تدفق إلى عقله كالشلال ، بدءا من أول لقاء بينهما إلى ذالك اليوم المثلج حين تشاركا المظلة و بدأت علاقتهما و حتى هذه اللحظة ، ثلاث سنوات من السعادة ، ثلاث سنوات من المحبة و العطاء بلا حدود و بلا شروط أو قيود ...

" ميتسو؟ !.."

جاء صوت فوجي القلق ليخرجه من أفكاره، من الجيد أن جزءا من وعيه تذكر التقاط الصورة في الوقت المناسب لأن ملامح فوجي الحالية ليست هي ما يريد أن يحتفظ به في صورة تذكارية .

أسف " سيوسكي " ، لقد شردت قليلا بأفكاري .

ما الذي يزعجك ؟

تساءل فوجي و هو يقترب منه ليتطلع إلى صورته بفضول، و ربت تيزوكا على رأسه بحنان قبل أن يسلمه الكاميرا وهو يقول :

لا شيء ، هل يمكنني طلب شيء أخر لو سمحت ؟

بالطبع .

رد فوجي بلا تردد و حمرة الخجل تغزو وجهه مجددا ، إنه بالكاد يستطيع تحمل الكابتن الرواقي عندما يكون في حالته العاطفية العادية ، ولكن و مند الأمس كان تيزوكا يتصرف كمن تلقى سهم كيوبيد أو شرب جرعة الحب ، تصرفاته و كلماته كلها تربكه أكثر مما حدث عندما مارسا الحب لأول مرة ، قلبه لا يتوقف عن الخفقان بقوة متأرجحا بين السعادة و الخوف من هذا التغير .. ماذا لو ...؟

" سيوسكي ؟ " ..

أوه .. أجل ..

أجاب فوجي فجأة و هو يعيد انتباهه الى ملك قلبه الأبدي و تفاجئ برؤية وجه تيزوكا الأحمر ،ربما أكثر منه ، ما الذي فاته هنا ؟ !

عفوا .. ماذا كان طلبك ؟ .

تساءل فوجي بلهجة اعتذار و جاءه الجواب كصاعقة كادت توقف قلبه عندما أجاب تيزوكا بهدوء شديد لا يتناسب و لون وجنتيه :

صورة .. لنا نحن الاثنين معا .. هل يمكنك ؟

آه .. أجل .. سوف أضع الكاميرا على نظام المؤقت ، آه .. علينا أولا إيجاد مكان مرتفع قليلا و منبسط لوضعها عليه ..

قال فوجي و هو يستدير بسرعة متظاهرا بالبحث عن المكان المنشود فيما عقله يصرخ بجنون "هذا ليس تيزوكا ، هناك خطأ ما ".

هل ذالك مناسب ؟ .

تساءل تيزوكا و هو يشير إلى مرتفع يكاد يقارب طولهم على بعد أمتار باتجاه الغابة ، و هز فوجي رأسه موافقا و اتجه إليه بآلة التصوير و هو يدخل إعدادات التوقيت و يعيد برمجة الكاميرا بينما يفكر ، " صورة ؟ ! سوف يلتقط صورة خاصة مع تيزوكا و بطلب منه !هل ضرب نيزك الأرض فجأة أم ماذا ؟".فجأة تذكر عبارة تيزوكا (" لقد وعدتني بذكريات جيدة " ) ، "يا إله الكون .. هل يعقل أنه ..؟" ألم رهيب اعتصر قلب فوجي فجأة والفكرة السوداء تغزو عقله كالسم " تيزوكا يتصرف بلطف شديد معه لأنه يريد الإنفصال عنه ؟ لا .. لا .. ، ليس بهذه الطريقة.. لا يمكن أن يتصرف تيزوكا بهذه القسوة ، لن يرفعه إلى أعلى مراتب السعادة ليهوي به إلى قاع التعاسة ، غير ممكن .. "

هذا مستحيل ..

غمغم فوجي و غصة في حلقه ، وقبل أن يدرك بدأ جسده يتهاوى ، بعد أن حجبت دموعه الرؤية و تعثرت خطواته ، ولكن يدا قوية أوقفته قبل أن يلامس الأرض و سمع صوت تيزوكا القلق يهتف باسمه و بعدها تلاشى كل شيء ..

بعد دقائق ...

" مطر ؟ متى بدأت تمطر ؟ .." فكر فوجي بدهشة وهو يفتح عينيه ليجد يدا ممدودة فوقه بمنشفة مبللة تتساقط قطراتها على وجهه ، تتبع اليد إلى صاحبها ليجد وجه تيزوكا قلقا كما لم يره من قبل وتذكر ما حصل و تأوه رغما عنه .

" سيوسكي" .. حمدا لله .. أخبرني هل يؤلمك شيء ؟ هل أصبت في مكان ما ؟.

سأله تيزوكا و هو يمسح جبينه باهتمام، وهز فوجي رأسه نفيا، و هو يحاول الجلوس، و ساعده الفتى الرواقي على ذالك، و هو يقول، باعتذار صادق :

أنا أسف "سيوسكي" .. كان يجب أن تبقى مرتاحا في البيت اليوم .. إنها غلطتي ..

غير صحيح .. أنا لم أكن منتبها . هذا كل شيء .

قال فوجي بحزم يقاطع اعتذاره، لن يسمح لتيزوكا بالشعور بالذنب بسبب أفكاره السخيفة ، و تابع بابتسامة حزينة و هو يخفض رأسه :

أنا من عليه الاعتذار إليك ، لم أتمم وعدي لك.. لقد أفسدت موضوع الصورة و جعلتك تقلق علي أيضا .

يا الهي .. "سيوسكي ".. هذا يكفي ..

هتف تيزوكا بانفعال مفاجئ قبل أن يسحب فوجي المذهول الى ذراعيه في عناق قوي و هو يتابع مربتا على ظهره بعاطفة :

لا يجب أن تعاملني بكل هذا الحب" سيوسكي "... إنني شخص أناني ومتملك، و أنا لا استحق شخصا بروعتك في حياتي ..

تجمعت الدموع في عيون فوجي و هو يفكر " لقد حان الوقت ، تيزوكا سوف ينفصل عنه و .."

أحبك ..

قال تيزوكا فجأة وشعر بجسد فوجي يتجمد بين ذراعيه ، لكنه انتظر بصبر و بعد ثواني تراجع فوجي للنظر إليه بعيون زرقاء مبللة و هو يقول بصوت متحشرج :

هل قلت... ؟ لماذا ؟...

ابتسم تيزوكا و قبله على جبينه ثم نزولا إلى شفتيه مستمتعا بالدهشة في العيون الزرقاء الواسعة و قال و هو يمسك وجنتي فوجي بين كفيه و يتطلع مباشرة إليه مركزا على كل حرف ينطقه :

يمكنني وضع ألاف الأسباب لكنها لا تعبر تماما عن ما أفكر فيه ، أحبك لأنك منبع سعادتي و كل ما أتمناه و أرغبه في حياتي "فوجي سيوسكي" .. أنت وحدك من يكملني ... أنا أحبك "سيوسكي" و أشعر أني ولدت لأفعل ذالك و حسب ،لأنه من دون هذا الحب أنا لا وجود لي .. ، أحبك لأنك "فوجي سيوسكي" الوحيد الذي يخفق له قلبي أكثر من أي مباراة تنس قوية ، أنا لا أعلم إن كان هناك أسباب أقوى لأحبك لكني أحبك ، و سأظل أفعل حتى أخر يوم في حياتي .

كانت دموع فوجي لا تتوقف ، هذا أطول و أروع خطاب سمعه من تيزوكا مند قابله وهو موجه له وحده ، لا بد أنه قدم معروفا عظيما في حياته السابقة لتتحقق أمانيه هكذا فجأة .. عاجز عن التفوه بحرف ، كل ما استطاع فعله هو عناق تيزوكا بكل قوته في جسده والبكاء كطفل ضائع عاد إلى حضن والدته .

بعد دقائق ...

وقف تيزوكا وفوجي معا لالتقاط الصورة بعد اختيار خلفية طبيعية مناسبة خلفهما و أمسك فوجي بذراع تيزوكا وهو يسحبه نحوه قائلا بابتسامة تنافس شمس الظهيرة سطوعا :

أنا لم أخبرك بعد بأمر "ميتسو" ...

ماهو ؟

تساءل تيزوكا باهتمام وهو يميل نحوه ليسمع جوابه وقد أسعده البريق في العينين الزرقاوين وعودة مزاج فوجي المرح الذي طبع قبلة سريعة على خده و هو يهمس له :

أحبك "تيزوكا كونيميتسو" ..

و مع نهاية عبارته كانت آلة التصوير قد بدأت العمل فالتقطت صورا متعددة تخلد روعة اللحظة في ذالك اليوم و لكنها لم تكن سوى واحدة من ذكريات عديدة جيدة صنعها الاثنان معا لبقية حياتهما السعيدة ...

بعد عشرين سنة ... في منزل عصري منعزل و هادئ في ضواحي طوكيو

"ميتسو" .. إنه وقت الشاي ..

قال فوجي و هو يدخل الى مكتب تيزوكا متوقعا أن يجده غارقا بالعمل ، لكنه فوجئ بالرجل يحتضن طفلين توأمين ( ولد و بنت في السابعة من العمر) ، يجلسان على ركبتيه وهما يتفحصان معه مجلدا ضخما لالبوم صور قديمة ..

أوه .. الأن فهمت لماذا كان الهدوء يعم المكان بشكل غريب ، يبدو أنكما عثرتما على تسلية جديدة " أمي" ، "يوكي " ..

كان الاب يرينا صورا من ايام دراسته .

قال الفتى يوكي (ثلج ) بجدية فيما تابعت أمي ( مطر ) بحماس و كأنها اكتشفت سرا :

بابا درس في نفس المدرسة مع الأب .

ابتسم فوجي وهو يضع صينية الشاي بهدوء على جانب المكتب ثم استدار ليصبح بجوار الثلاثة و انحنى من فوق كتف تيزوكا ليتطلع إلى ألبوم صوره في السنة الثالثة بمدرسة سيغا ، وجوه أعضاء الفريق تشع بالسعادة و الفرح ، و وجد فوجي نفسه يبتسم بحنين و هو يغمغم :

لقد كنا محظوظين جدا ، أليس كذالك "ميتسو" ؟..

آه.

أجاب تيزوكا باختصار و الحمرة تعلو وجنتيه لأن أنامل فوجي كانت تداعب خلف عنقه وترسل موجات مثيرة على طول عموده الفقري

يا أولاد .. لقد تركت الحليب و الحلوى المفضلة لديكما على مائدة غرفة الجلوس ، اذهبا و استمتعا بهما ...

قال فوجي بابتسامة و هو ينحني ليقبل الطفلين علي التوالي و ساعدهما تيزوكا على النزول أرضا متجاوزا التعليق على هتافات أمي المتحمسة للحلوى و امتعاض يوكي الخفيف تجاه ضرورة شرب الحليب مرتين في اليوم . هناك أمر أكثر أهمية يحدث في هذه اللحظة و يستدعي انتباهه الكامل ، حسنا بتركيز أعلى من المعتاد قليلا .. جيد ، لقد أصبح الولدان خارج الغرفة الآن و..

أه .. "سيوسكي .. "

هتف بتأوه عندما عض فوجي شحمة أدنه بخفة و غمغم و هو يتجه ليقبله على شفتيه:

دعنا نذهب لمكان ما نهاية هذا الأسبوع..( قبلة ) "إيجي" و" أويشي" سوف يستقبلان التوأم في بيتهما بكل سرور ؟ .

أين ؟

سأل تيزوكا و أنفاسه تصبح أبطأ ، كانت يد فوجي تستقر الآن على رمز رجولته ، "ترى هل يريد فوجي أن يفعلها في المكتب على بعد خطوات من مكان جلوس الطفلين ؟"

إلى متنزه الذكريات ..هل يمكننا الذهاب من فضلك ؟ .. أنا أحب ذالك المكان ..

رد فوجي بعاطفة كمن يحدث نفسه و هو يدير المقعد ليجلس على ركبتي تيزوكا و يحيط عنقه بذراعيه ، ويستمتع بالدفء المنبعث من كامل جسده عندما وضع رأسه على كتفه بشعور عظيم من الراحة .

بالتاكيد .. كل ما تتمناه عزيزي "سيوسكي" سوف أطلب الى "ريوزاكي تشان" إعادة جدولة مواعيد هذا الأسبوع وسوف نحظى بالمزيد من الذكريات الجميلة معا .

قال تيزوكا بابتسامة وهو يداعب ظهر فوجي الذي غمغم برضى :

أحبك ..

بالمثل هنا .

النهاية