قصة من أروع ما قرأت لنفس الكاتبة اللتي كانت ملهمتي ... مع الاسف انها غير مكتملة و لكن رغبت في نشرها لأنها تستحق ان تقرأ

الحقوق تعود لـ Ame no hime


فتح الطفل عينيه بصعوبة بالغة .. أجال نظره على

الجدران الكئيبة الباهتة للزنزانة التي كان يقطنها ..

ارتسمت على قسمات وجهه البريء علامات الاشمئزاز

وهو يتفحص المكان الرطب القذر .. حاول تحريك يديه ولكن

الاصفاد الحديدية كانت تكبل يديه الصغيرتين .. تسائل مراراً

عن الذنب الذي اقترفه ليعاقبوه بهذه القسوة .

لكنه لم يهتدي وقتها للجواب

...

سار ديدارا وهو مقطب الجبين يفكر مع نفسه وقد قادته

قدماه دون ان يلحظ ذلك - نحو طريق يأخذه مباشرة نحو

الجبل ، كان طريقاً ترابياً تنتشر الاشجار الكثيفة على جانبيه

ولكن قمة ذلك الجبل قليل الارتفاع كانت أرضاً فسيحة لا تكتض

بالاشجار ، توقف ديدارا عن السير و أخذ ينقل بصره بين

الأرض الخضراء الممتدة أمامه وبين السماء الواسعة التي

بدت في ذلك الصباح الربيعي صافية جداً .

تذكر بقليل من الإنزعاج السبب الذي جعله يأتي الى هذا

المكان .. كان في وقت مبكر من صباح ذلك اليوم يتناقش

مع زميله حول المهمة التي وكلت إليهما .. كانت مختلفة

بعض الشي عن ما إعتاد عليه ، فمنذ إنظمامه للأكاتسكي

كانت مهماته دوماً هي الإمساك بالجينتشيوريكي ، اما هذه

المرة كانت المهمة هي ... الإغتيال ...

تذكر كيف كان يسير خلف زميله ساسوري وهو يضع

يديه خلف رأسه و يسأله بضجر

- لماذا همم؟

- على رأس ذلك الشخص مكافئة مجزية ، نحن في حاجة

إلى المال إلى جانب قوة وحوش البيجو ، انا امتلك المقومات

الملائمة لهذه المهمة لهذا السبب وكلت إليّ وليس لصائد

مكافئات الأكاتسكي كاكزو كما جرت العادة .

هز ديدارا رأسه الأشقر غير مقتنع بما قيل له

تنهد بعمق ثم قال

- سيكون الأمر مملاً ... قتل شخص ومن ثم الفرار بجثته

لإستبدالها بكيس نقود ، لو كان جينتشيوريكي لوجدت

متعة كبرى في مطاردته ..

توقف ساسوري عن السير و أدار رأسه بإتجاه زميله

تفحصه بعينيه العسليتين ثم قال بنبرة ساخرة :

- إياك أن تقلل من شأن ذلك الشخص ، نحن

لسنا بصدد إغتيال رجل عادي .. إنه خطير ..

إن ريويتشي ليس مجرد قاطع طريق بل هو زعيم

يترأس عصابة لقطاع الطرق والقتلة المأجورين

جميع سكان هذه المنطقة يرتعدون بمجرد ذكر إسمه..

أنصت ديدارا لكلامه و هو يبتسم بسخرية ثم قال بصوت

لا يخفي استخفافه لذلك الرجل :

- هكذا إذن ؟ أرى أن الأمر ينطوي على قليل من الإثارة همم

وقد ثبطت حماسته المفاجأة حين قال ساسوري :

- المشكلة تكمن في الوصول إليه ... لقد أحسن ريويتشي

التخفي بحيث ان احداً لم يره منذ عدة سنوات ، رغم الاعمال

التي يتورط بها الا انه يفعل كل شيء في الخفاء ، اتباعه يقومون

بكل شيء عوضاً عنه ويبقى هو في الظل ... يتعين علينا ان نجد

مخبأه اولاً ثم نفكر في طريقة إغتياله .

- وكيف سنجده ؟

لمح ديدارا ابتسامة ماكرة ترتسم على شفتي زميله

- يمكنك القول انني سأتدبر هذا ..

ثم إلتف ناحيته ودس ورقة في يده و أمره بحزم :

- أحرص على الوصول في الوقت المحدد

سأترك شخصاً خلفي يخبرك بمكان تواجي

ثم أمره بأن لا يتأخر عليه و أفترقا

شد ديدارا قبضته على الورقة و فكر في نفسه

" لماذا يريد ابعادي عن الأحداث المهمة ... تباً له "

وهاهو الان يسير على غير هدى منتظراً ان يحين وقت

إلتقاءه بساسوري

إخترق إذنيه فجأةً صوت قوي جعله يقف جامداً في مكانه

دون حراك .. فقد صرخ احدهم فيه محذراً

- ستســـــقط إياك ان تتقدم !

إنتبه ديدارا اخيراً إلى حيث يقف .. كان يسير دون

وعي الى ان وصل الى الحافة وكاد ان يقع في الوادي

العميق اسفل الجبل .. تراجع خطوتين للوراء بعد ان

راعه العمق المخيف وشكل الصخور الضخمة التي

تملأه .

جاءه صوت محدثه مجدداً بنبرة تختلف عن نبرة التحذير

السابقة .. كان الصوت الآن مدهوشاً

- خيل إليّ انك ستسقط لا محالة .. ذلك الوادي السحيق

لن يتعرف احد على جثتك .. ستتمزق إرباً ..

أخذ ديدارا ينقل بصره ليرى الشخص الذي يحدثه

وقد رأها هناك .. تجلس فوق اعلى غصن في شجرة

ضخمة على مقربة منه .. جفل قليلاً حين رأها وكأنها

خرجت من العدم .. لم يشعر ابداً ان احداً كان معه على قمة

الجبل .. حدق بها بإندهاش كما كانت تحدق إليه .. كانت

شابة صغيرة لها شعر طويل اسود يجذب الإنتباه لشدة سواده

وقد تركته منسدلاً على كتفيها ..

التقت نظراتهما و بدت وكأنها جفلت بعد الشيء حين رأت

إنعكاس صورتها في عيني ديدارا الزرقاوين.

إنفرجت شفتيها قليلاً وكأنها تريد الكلام ثم أغلقتهما دون

ان تنطق بشيء فبادر ديدارا الحديث بإرتباك رغماً عنه :

- شكراً على تحذيري .. كنت سأقع حقاً همم

قالت بهدوء :

- لا بأس أبداً .. أعني أنني لم أحسب انك لن تنتبه لذلك ..

تقدم ديدارا بضع خطوات من الشجرة و سألها بفضول :

- هل كنتِ هنا منذ مدة ؟

إبتسمت الفتاة بشحوب و أجابت :

- في الواقع .. نعم ، رأيتك حين أتيت وقد دهشت كثيراً

فلا احد يزور هذا الجبل ...

ثم نظرت حولها و قالت :

- إن المكان موحش هنا ..

اندفع ديدارا و سألها مجدداً :

- ولمَ أنتِ في مكان كهذا ؟

كان يسألها بعفوية ودون ان يضع بالحسبان انه لا يجب ان يسأل

فتاة يقابلها للمرة الأولى اسئلة يمكن ان تعد تدخلاً او تصرفاً وقحاً

ولكن الفتاة لم تنظر إلى الامر هكذا وتحدثت معه بإنفتاح و كأنها

ألفت الغرباء وأحاديثهم ..

- جئت لأقطف هذه ..

ورفعت يدها لكي يرى ثمرة برتقال يانعة كانت تمسك بها

- إنها المرة الأولى التي تثمر فيها هذه الشجرة ..

استطاع ديدارا ان يرى الفتاة بوضوح الآن .. كانت تنظر إليه

بعينين صافيتين بلون السماء وقد بدا في تَينك العينين بريق

أخاذ يوحي بالعزم و الحماسة ..

تحدثت إليه مجدداً وهي تتفحص ملامحه :

- لا أظنك احد سكان القرية ؟ أنت لا تبدوا كذلك ..

إبتسم ديدارا بمكر وقال :

- وهل تحفظين وجوه جميع سكان القرية ؟

- لا .. الحقيقة أنني لا أراهم كثيراً ..

سكتت قليلاً ثم أضافت بخفوت :

- لأنهم يتجنبون رؤيتي ..

لم يسمع ديدارا جملتها الأخيرة جيداً ولم يبد الأمر مهماً بالنسبة له

همت الفتاة بالنزول و لكن علق طرف ثوبها الزهري بالأغصان و كادت

أن تقع لولا تداركها للموقف و إمساكها جيداً بجذع الشجرة

نظر ديدارا إليها للحظات ثم مد يده بسأم نحوها وقال :

- هاتي يدك ..

رمشت الفتاة قليلاً ثم مدت يدها نحوه و أنزلها بهدوء

أحس فجأة بارتجاف يدها في قبضته .. نظر إلى الفتاة

متسائلاً و وجدها تنظر إليه و قد إرتسم الخوف في عينيها

سحبت يدها بعنف و ضربت كفه بقوة لتبعده عنها .. تراجعت

للخلف بضع خطوات و قالت بصوت يدل على الإشمئزاز :

- ما ... مالذي في يدك ؟

رمش ديدارا بحيرة و نقل نظره إلى راحته ليرى الفم

الغريب الذي يتوسطها .. لا بد أن هذا ما أخاف الفتاة ..

حاول ديدارا ان يتحدث و يشرح لها عمل الفم في يده

ولكنها وصلت التراجع للخلف وهي تتمتم في خوف :

- لا تقترب مني ... هذا مقزز .. أنت .. آه

و فرت راكضة من المكان بسرعة و هي تتجنب

النظر إلى المكان الذي يقف فيه و من شدة إنفعالها

وقعت ثمرة البرتقال التي كانت سعيدة بالحصول

عليها على الارض و قد رأها ديدارا

.

- إنه مسخ ... !

- لا تدعوه يتقرب منا ..

- الأفضل ان نحبسه حتى نضمن سلامة الجميع .

نظر الفتى الصغير بحزن لأفواه الكبار الذين إجتمعوا للتناقش

في مصيره .. وقد إتفقوا جميعاً على انه خطر عظيم يهددهم

جميعا .. لم يعرف لمَ كانوا ينظرون إليه هكذا .. و لماذا وقف والداه

صامتين دون ان يتكلما ويدافعا عن صغيرهما .. بل لماذا لم

يوقفا رجال قريته حين سحبوه من بيته و أوثقوا يديه بالسلاسل

وزجوا به في زنزانة مظلمة .. ألا يحبانه وهو فلذة كبدهم ؟

ليس ذنبه انه وُلد بفم صغير في كلتا يده و آخر بالقرب

من قلبه .. لا يحق لهم معاقبته على ذنب لم يرتكبه ...

إنحنى ديدارا على الأرض و إلتقط بيده ثمرة البرتقال

الناضجة .. كان لونها غنياً و تفوح منها رائحة عطرة شهية ..

دسها في جيب رداءه الاسود و أخرج عوضاً عنها الورقة التي

إستلمها من ساسوري .. قرأ ما بها وهو يقطب حاجبيه ثم

تحرك بإتجاه القرية

..

ركضت يوري بسرعة نزولاً إلى سفح الجبل.. لقد إنتابها خوف

كبير حين شاهدت يد ذلك الغريب والفم الأغرب الذي يتوسطها

لكنها الآن و بعد ان شعرت أنها إبتعدت عنه مسافة كافية .. تبدد

خوفها و حل محله شعور بالذنب .. فكرت في نفسها انها قست

على ذلك الغريب مع انه مد لها يد المساعدة .. تنهدت بعمق

وهي تسير بإتجاه المتجر الذي تديره .. كانت يوري تتقن

صناعة الأواني الفخارية بأشكالها المتعددة .. وقد تعلمت

هذه الحرفة منذ نعومة أظفارها ، وهي الآن مصدر رزقها الوحيد

بما أنها تعيش بمفردها وتدير متجراً يأخذ جزءاً صغيراً من منزلها

الذي يقع على أطراف القرية .. كان معظم زبائنها من المسافرين

الذين يتوقفون في القرية لتزود بالمؤن و يروق لهم كثيراً ما تصنعه

من أوانٍ وخزفيات متقنة .. و لم تكن تتوقع ان يأتي إليها يوماً

زبون من أهل القرية .. لأنهم كانوا يتجنبونها .. لسبب تكره التفكير به .

إنفرجت أساريرها حين شاهدت شخصاً يقف أمام زجاج متجرها

ويحدق بإهتمام للبضائع .. هرولت بإتجاهه وهي تلوم نفسها

بسبب تأخرها في الجبل وترك المتجر ..

حيته بإحترام وفتحت له الباب .. تقدم زبونها بصمت

إلى الداخل و تبعته بسرور .. أخذ يسير بين رفوف البضائع

وهو يتفحص بعينيه خزفية ملونة تارة و يمسك كوباً

بيده تارة أخرى .. لفت إنتباهها لون شعره الأحمر و نظراته

ألا مبالية التي تكشف عدم إهتمامه حقاً بما يراه ..

وأخيراً إستقر رأيه على ثلاثة أكواب للشاي و تمثال

صنعته ليبدو كعقرب صغير.. أخذته إلى طاولة الدفع و هي تتصنع

الإبتسام و سألته بلباقه :

- أترغب في أن ألفها لك ؟

أجابها بإقتضاب :

- إفعلي ذلك ..

إستدارت للخلف و أخذت تفتش عن قماش ملائم تلفها به

و تحدثت بهدوء :

- سيساعدك ذلك كثيراً .. السفر مع شيء قابل للكسر أمر مزعج..

لم تستطع إكمال كلامها لأنها شعرت فجأة بشيء بارد يلامس حاد رقبها

بلعت يوري ريقها بخوف و تجمدت في مكانها .. جاءها صوت زبونها

الذي أتضح لها انه ليس كذلك :

- لا تقومي بأي حركة طائشة و إلزمي الصمت يا ... يوري ريويتشي !

حدقت يوري بغضب بوجه محتجزها .. كانت تجلس على الارض وقد

ُربطت يداها بحبل .. تحدثت إليه بحنق و هي تراقب وجهه الهادىء

الذي لا يرتسم عليه أي نوع من المشاعر

- إن كنت تريد المال فليس لديّ الكثير ..

إبتسم محتجزها بتكلف و لم يجب فأزعجها ذلك كثيراً .. و أوجست منه

خيفة.. إن لم يكن يريد النقود فماذا يريد ؟ أرعبها التفكير بالأمر

وتكورت الدموع في مقلتيها .. سمعت صوته أخيراً وهو يقول :

- ستعرفين كل شيء .. قريباً .

لم يكد ينتهي من جملته حتى إنفتح باب المتجر و دخل

شخص جديد إلى الداخل .. نقلت يوري نظرها بسرعة نحوه

وهي تأمل ان يكون شخصاً ينقذها من موقفها .. ولكنها صدمت

كثيراً حين تحدث محتجزها إلى القادم الجديد و إتضح لها

أنهما يعملان معاً ..

- لقد تأخرت يا ديدارا ..

حك ديدارا رأسه بتململ و قال :

- كان الطريق إلى هنا صعباً ساسوري نو دنا .. والآن أخبرني هل

تمكنت ...

قطع جملته حين وقعت عيناه على الفتاة التي قابلها قبل مدة

قصيرة في أعلى الجبل .. و حتى الفتاة شهقت بتعجب حين رأته

لاحظ ساسوري ذلك وبادر بطرح السؤال :

- أتعرفها ؟

قال ديدارا وهو يصارع دهشته :

- نعم .. ليس تماماً ...لكنني لم اتوقع انها الشخص الذي

كنت تبحث عنه !

إلتفت ساسوري ناحية الفتاة و قال بصرامة :

- سأطلب منك شيئاً وأرجوا ان تجيبيني بتعقل .. لإنكِ إن

لم تفعلي فستعرضين حياتكِ للخطر .. أخبريني كل ما تعرفينه

عن جين ريويتشي ... والدك !

لم يبد أن يوري إهتمت بما قاله .. بل أنها لم تعي حقاً ما قيل لها

.. كان يشغل بالها أمر آخر .. أمر جعلها تشعر بالغضب

و بأنها قد خدعت .. اصطكت أسنانها بعصبية و قالت موجهتاً كلامها

لديدارا :

- لا أصدقُ انني كنت نادمة على ما قلته لك .. لو عرفت حينها

انك كنت تسعى خلفي لما استرسلتُ في حديثي معك ..

كنت تتجسس علي لتخبر شريكك عن تحركاتي .. ثم تقبضان

علي .. أي تصرف هذا ؟ ... أيها الحقيران !

إتسعت عينا ديدارا دهشة وعجب لربطها الأمور بهذه الطريقة

بينما عقد ساسوري حاجبيه ووبخها قائلاً :

- إنتبهي إلى كلامك يا فتاة !

نظرت يوري نحوه نظرة تحدِ و قالت :

- و كيف هي الطريقة التي يجب ان اتحدث بها مع قطاع الطرق ؟

- ولكننا لسنا ...

سكت ديدارا حين إلتفتت إليه ورأى الغضب بادياً في عينيها

إكتفى بلف رأسه متجنباً نظرتها التي فسرها على انها تعني

" لقد خيبت ظني فيك "

وقعت عينا يوري على باب المتجر وقد كان مفتوحاً .. ثم

إنتبهت إلى انهم قد تركا قدميها دون قيد .. رأت ان هذه ربما

تكون فرصتها للهرب .. لم تكن واثقة من قدرتها على الإبتعاد

و لكن لن تضيع هذه الفرصة .. لا تريد البقاء معهما .. كانت خائفة

جداً من أن يؤذيانها ... لا يوجد أحد يسكن بالقرب من بيتها لذا

كان لا جدوى من الصراخ طلباً للنجدة .. كان الهروب

هو الحل الوحيد

...

وقفت بسرعة و نفذت على الفوز ما اعتزمت القيام به ، أولا أوقعت

احد رفوف الخزف بقدمها لتضمن تأخير ساسوري ثم دفعت ديدارا

بكل ما أوتيت من قوة وتسببت في إسقاطه أرضاً و اخيراً إندفعت

تركض بسرعة خارجتاً من الباب .. ركضت بسرعة دون أن تلتفت خلفها

ضربات قلبها تتسارع و تنفسها يزداد .. ارادت الإبتعاد قدر الإمكان ، ولم

تدري ان ديدارا كان يتبعها بناءاً على اوامر ساسوري الذي صرخ فيه

فور هروبها و أمره بإرجاعها فوراً .. ولم تدري أيضاً ان قدماها

قد قادتاها إلى المكان الذي التقيا فيه أول مرة ..

وقفت يوري عند حافة الجبل و أخذت تتنفس بصعوبة و تشعر بالإعياء

كانت يداها لا تزلان مربوطتين و هو أمر صَعب جريها كثيراً .. جاءها صوت

ديدارا من الخلف و هو يأمرها بحزم :

- لا تتحركي همم

التفتت نحوه و لم تزل نظرة خيبة الأمل في عينيها

تمنت في سرها لو أنها تركته يسقط حين رأته على وشك

القيام بذلك .. جعلها تفكيرها بذلك تهتدي إلى شيء جديد..

التفتت ناحية الوادي و رأت العمق المظلم .. إهتز شيء في أعماقها

و أعطاها القليل من الشجاعة و التهور للقيام بالأمر .. كان عليها

أن تختار .. إما ان تسلم نفسها لوغدين لا تعرف حقاً ما يريدان منها

وإما ان تموت محافظة على كرامتها و إعتزازها بنفسها .. وقد قرر

عقلها أي الخيارين ستتخذ دون ان تجهد نفسها بالتفكير طويلاً ...

رجعت خطوتين نحو الوراء و قد أغمضت عينيها و كان آخر

ما رأته هو وجه ديدارا المصدوم و سمعت صوته وهي تهوي

.. لقد كان يصرخ .. و قد قال :

- لا تـــــفعلي هــــذا ..

لكن الأوان قد فات .. وهاهي الآن تشعر بالهواء البارد يخترق جسدها

ويسحبها بعنف نحو الأسفل.. أحست بأن الدموع تخرج من عينيها

و تمتمت بخفوت و يأس :

- سأراكِ قريباً .. أمــي ..

لكنها اصطدمت فجأة بشيء طري لا يتوافق مع قسوة الصخور

التي كانت في انتظارها.. فتحت عينيها بحدة و رأت شيئاً أبيض

كان هو ما وقعت عليه .. نهضت وهي تشعر بالحيرة و بدا لها

هذا الشيء كطائر عملاق تداركها قبل تبلغ القاع .. ولكن

ما جعلها تطلق صيحة تعجب هو الشخص الذي كان يقف على

ظهر الطائر الأبيض و ينظر إليها .. تحرك رداءه الأسود مع الريح

و كذلك بعض من خصلات شعره التي تحركت لتظهر وجهه واضحاً

امامها.. كان ينظر إليها بغضب .. كم كانت عينه الزرقاء تبدو مختلفة

حين يغضب .. وقفت يوري على الرغم من شعورها بالدوار وبادلت

نظراته الغاضبة بنظرات أشد منها حنقاً و غضباً وكانت ستصرخ فيه

ولكنه فاجأها ... كان سريعاً جداً ... لم تتوقع منه شيئاً كهذا ...

لم تشعر بشيء و لكنها أحست بخدر في خدها الأيمن بعد

الصفعة القوية التي وجهها إليها

..

إهتزت في وقفتها ولكنها تمالكت نفسها ولم تسقط

نظرت إليه في حيرة و دهشة .. كانت تريد ان تصرخ عليه

و لكنها لسبب ما بقيت صامتة تنظر إليه بخضوع كمن

يعصي أمراً ثم يتقبل عقابه برحابة صدر ...

تحدث ديدارا إليها بصوت غاضب منفعل :

- هل حياتك لا تهمكِ إلى هذه الدرجة ؟

أخبريني ؟ هل إنهاء حياتك بهذه الطريقة هو الحل الأنسب لك ؟

أنتِ لم تعرفي حتى الآن مالذي نريده منك ... لا نعتزم إيذائك

إن أنت تعاونتِ معنا .. ولكن أن تفكري بالإنتحار لمجرد عجزك

عن مواجه مشكلة بسيطة كهذه ... أنتِ حمقاء ... مغفلة !

ترقرقت عينا يوري بالدموع و قالت له بصوت حزين :

- أنا خائفة منكما ... الموت ... كان سينقذني ..

قاطعها ديدارا و قد زاد إنفعاله :

- كنت في وضع أسوأ منكِ ... لم أفكر يوماً بإنهاء حياتي

لأنني خائف .. الحقيقة انني كنت أموت خوفاً كل يوم .. أموت

جوعاً ... برداً ... لا أحد يعلم بما آلت إليه أحوالي .. ولكنني لم

أفكر بإنهاء حياتي .. إن ما فكرت به وقتها هو ان أعيش .. نعم

أردت أن اعيش لأدمر حياة من دمروا حياتي ...

أكمل كلامه وقد شعرت يوري بمدى الحقد الذي كان

يحمله في قلبه و مدى ألمه :

- أنا مستعد لقتل نفسي في معركة .. وأنا أعطي وجهي

لخصمي لا ان ادير ظهري له كالجبناء .. عندها ... عندها

فقط لن أندم انني أنهيت حياتي همم

أنزلت يوري رأسها و قالت بهدوء :

- أنت تراني جبانة إذن ...

- هذا صحيح ... و حمقاء أيضاً ..

حط الطائر على قمة الجبل و نزل ديدارا أولا

وسمع صوت يوري يقول :

- لستُ حمقاء ...

سار مبتعداً دون أن يمد لها يده كما فعل سابقاً

وفهمت يوري انه لا يزال يذكر ما قالته عن يده .. نزلت بمفردها

و تبعته بهدوء ..أخرج ديدارا سكين كوناي و فك به وثاقها

- ظننت أنك ستهربين مجدداً ؟

وضعت يوري يدها على خدها الذي خيل إليها انه قد إحمر بسبب

الصفعة وقالت بإنزعاج :

- هذا مؤلم .. أقلت انني سأهرب ؟ وهل ستدعني أفعل ذلك ؟

وهل سيسمح لك شريكك بالعودة دوني ؟

وجد ديدارا نفسه يبتسم رداً على قولها ثم سارا بإتجاه المتجر

و بدا ان يوري كانت مستعدة للتعاون معهما اخيراً ...

جلست يوري صامتة تحدق أمامها حيث جلس ساسوري

متأهباً لأي حركة مريبة تصدر منها .. لم يعد يثق بتصرفاتها

و وضع بالحسبان انها قد تحاول الهرب كما فعلت سابقاً ..

نقلت نظرها ببطىء ناحية ديدارا الذي كان يجلس

مسنداً ظهره للجدار وتلوح في عينيه نظرة شرود.

لقد إستعادت رباطة جأشها و تقبلت موقفها كان عليها ان تتصرف بتعقل

وتفكر ملياً بأي خطوة ستقوم بها.. ولكنها في الوقت نفسه لم تستطع

منع نفسها من تذكر ما كانت على وشك القيام به

إرتعدت قليلاً و هي تتخيل الظلمة المخيفة للوادي

كان أمرها سينتهي كلمح البصر ..

أخبرها ديدارا أنهم راغبون في طرح بعض الأسئلة

عليها .. أكانت ستقتل نفسها لسبب تافه كهذا ؟

أدركت كم كانت غبية و متسرعة .. كانت محظوظة إذ أن

ديدارا كان موجوداً حينها ..و إستنتجت أنه فعل ذلك

لأنهم يحتاجون لأجوبتها على أسئلتهم .. ولكنها

رغم ذلك كانت تشعر بالإمتنان.

كان الثلاثة في غرفة معيشة يوري .. كان منزلها

بسيطاً ومنظماً.. تستخدم الطابق السفلي كمتجر وتعيش

في الطابق العلوي ، و على الأنوار الخافتة لمصباح الزيت المثبت في الجدار

أخذت يوري تنقل أنظارها بتوتر بين محتجزيها ..

أخبروها أنهم يبحثون عمن تكره تسميته بأبيها

و أنها سترشدهم إليه ..

عقد ساسوري ذراعيه امام صدره و إستعد لإستجواب

الفتاة كمن إرتكب جرماً

- أخبريني بكل ما تعرفينه عن جين ريويتشي.

تنفست يوري بعمق ثم قالت بهدوء :

- يهمني أن تعرف أولاً ان لا شيء يزعجني أكثر

من الحديث عن هذا الشخص ..

أجابها ساسوري بسرعة و ببرود :

- أتفهم هذا ... أجيبيني !

ردت عليه بإنزعاج :

- لن تستفيد مما لديّ .. أنا لا أعرف شيــئاً عنه.

أغمض ساسوري عينيه وقال بنفاد صبر :

- هكذا إذن ؟ إسمعيني جيداً ,, لا تحاولي التستر عليه

و أخبريني بالحقيقة .. وإلا لن تسرك طرقنا الأخرى

للحصول على الأجوبة ..

َصفر ديدارا و قال معلقاً :

- يبدو ساسوري نو دنا غاضباً همم

ثم لف رأسه ناحيه يوري و قال يستحثها بمرح :

- هيا .. لا أظنكِ راغبة في تجريب غضبه !

تغيرت ملامح يوري و هي تحدق نحوهما بحنق

شديد و قد إحتقنت الدماء في وجهها .. فزع ديدارا

حين شاهدها و أدرك انها هي من تملكها الغضب

وليس زميله .. رأى الإضطراب متغلغلاً في عينيها

و بدت له كقنبلة على وشك الإنفجار ... وقد كان مصيباً.

إنفجرت يوري غضباً و صرخت فيهما و هي تغلق

قبضتها على ثوبها بتوتر واضح :

- لا أعرف شيئاً عنه ! إنه آخر شخص أفكر في التستر

عليه .. هل تظنان انني سعيدة في البقاء معكما و المماطلة

و إخفاء الأمور ؟ أريد ان أنتهي من هذا .. إبحثا عن شخص غيري

ومارسا هوايتكما في التهديد معه .. اما انا فقد ذقت ذرعاً بكما !

سكتت يوري لإلتقاط أنفاسها و هي تلهث بشدة بينما تبادل

الإثنان النظرات المدهوشة وتعجبا لردة فعلها المدوية ..

زفرت يوري بضيق و إعتدلت في جلستها و عاد إليها

هدوءها .. قال ساسوري بحدة متجاهلاً كل ما قيل :

- أظنك علمتِ اننا نسعى لقتله ..

أجابت ببرود :

- هذا صحيح ..

- ألا يهمك ذلك ؟

نظرت نحوه وقد بدت دهشة طفيفة على ملامحها

- لا يهمني ... مطلقاً.

قالت كلمتها الأخيرة وهي تشدد على الحروف و بدت

صادقة جداً .

مال ديدارا بجسده نحو الأمام و سألها بفضول :

- ألا تكترثين لوالدك ؟

أغمضت يوري عينيها و قالت بحدة :

- ولِمَ عليّ فعل ذلك ؟ إنه لا يكترث بي .. أتعلمان أن

جميع سكان القرية يحملونني ذنوب ذلك الرجل .. إنهم ينظرون

إليّ على أنني ابنة المجرم الذي سرقهم و قتل كثيراً منهم ..

تمتم ساسوري بهدوء :

- أحسب ان ما قلتيه صحيح .. لقد أبدو نفوراً كبيراً حين

كنت أسألهم عن مكانك ..

- أرأيك ؟ الجميع يرونني مجرمة مثله .. ولكنني لست كذلك ، لم

أؤذي أحداً قط ، ما ذنبي ان كان هو والدي ؟ إنني أكرهه .. أمقت

ذِكر ذلك الشخص ... لا أخفيكم أنني أتمنى لو يموت حقاً ..

- إن ساعدتنا في الوصول إليه ...

صاحت يوري بضيق :

- أخبرتك أنني لا أعلم ... لا أعرف شيئاً عن مكانه .. لم أره

مذ كنت في السادسة من العمر .. لقد تخلى عنا يومها ..

لن أنسى ذلك اليوم أبداً .. يوم رأيتُ حقيقته البشعة ..

ذلك المجرم .. كم أمقته !

كان صوتها مرتجفاً ثم تلألأت عيناها و فاضت دمعتان

تدحرجتا على خديها .. أخفت وجهها بيديها وراحت تبكي..

لم يتوقع ديدارا هذا .. حدق بها مدهوشاً ثم وجه كلامه

لساسوري :

- ساسوري نو دنا لقد جعلتها تبكي همم !

تأفف ساسوري بإنزعاج ثم نهض واقفاً بعد أن فقد

الأمل في الحصول على أي معلومة تفيده منها

و توجه إلى الغرفة المجاورة ..

لحقه ديدارا بنظراته لكنه لم يتبعه .. بقي حائراً

مكانه إلى جانب يوري .. لم يعرف ما الذي يتوجب

عليه فعله .. وضع يده خلف رأسه و تنهد بضيق ..

- لم نكن نراه كثيراً ...

لفَ ديدارا رأسه بحدة ناحية الصوت المتحشرج الذي سمعه

كانت يوري قد أبعدت يديها عن وجهها لتظهر عيناها الدامعتين

ثم مضت تحدثه قائلة :

- أعني ريويتشي .. كان يتركنا وحدنا أنا و أمي ويغيب

فترات طويلة ، لم أكن أحبه على وجه الخصوص فهو لم

يترك لي فرصة لأعتاد عليه و أشعر حقاً أنني ابنته.. لكن

أمي كان تسعد حين يعود .. سعادتها وحدها جعلتني أرغب

في عودته كلما غاب .. لأراها سعيدة فقط .

إبتسمت بشحوب فقال ديدارا معلقاً :

- يبدو انك متعلقة بوالدتك ..

- هذا صحيح .. لقد كانت كل ما أملك .. لكنه سلبها مني !

نزلت دمعة على خدها و أكملت بصوت يفيض حزناً و ألماً :

- ذلك اليوم .. كان آخر يوم لي مع كليهما .. كانت أمي مريضةً

جداً وتتألم بشدة ، كنت صغيرة ولم أستطع أن أفعل أي شيء

يخفف عنها ، بقيت إلى قربها وأنا أراقب تمزقها من الألم و أسمع

صوت صراخها المبحوح .. كنت أبكي خوفاً عليها .. خرجت من البيت

بحثاً عن أبــ... ، بحثاً عنه.. لأنه كان قد خرج لإكمال بعض الأعمال

في القرية ولم يكن وقتها قد ذاع صيته على أنه مجرم ، وقد وجدته

فوراً .. يقف مستنداً على جدار المنزل .. اندفعت نحوه و أخذت أشده

من يده ليرى أمي .. لكنه لم يتزحزح من مكانه .. كان صوت صراخها

يخترق أذنينا لكن بدا لي أنني الوحيدة التي كنت أسمعه .. رجوته

وبكيت حتى بُح صوتي .. و فجأة اختفى صوت أمي .. في تلك اللحظة

تحرك و دخل إلى الداخل بتثاقل .. تبعته بسرعة .. رأيته يقف بالقرب

من سريرها وقد غطى وجهها بملاءة السرير .. نظر إليّ بفتور وقال

ببرود :

- انتهى الأمر يا صغيرتي لا جدوى من البكاء ..

ركضت نحو أمي و دموعي تسيل بغزارة .. لم أصدق أن الأمر

قد انتهى.. هززتها و ناديتها و لكنها لم ترد عليّ .. نظرت إليه

و أخبرته أنه السبب في ذلك .. لو حملها إلى المشفى لربما

تمكنا من إنقاذها قبل فوات الأوان .. كرهته في تلك اللحظة

لقد كان السبب في رحيل أمي .. إنه ذنبه ..

سكتت لتمسح دموعها ثم أكملت :

- غادر بعد موتها مباشرة وتركني وحدي .. طفلة

لا تعرف كيف تتصرف .. لقد خذلني و خذل أمي و لم أره بعدها أبداً.

كان ديدارا يصغي لكلامها وكأنها قد أيقظت ذكريات

مدفونة في نفسه .. إنه يعرف كيف يكون الشعور

حين يتخلى عنك أقرب الناس إليك..

- يحق لكِ أن تكرهيه همم ..

نظرت يوري نحوه و هي ترجوا ان يفهم سبب بوحها له بكل تلك

الذكريات المؤلمة

- هل صدقت الآن أنني لن أفيدكم بشيء ؟

- يمكنك قول ذلك .. نعم .

جففت يوري دموعها تماماً ثم سألها ديدارا فجأة :

- لكن ألم يسأل عنك مطلقاً طوال تلك الفترة ؟ ألا

يهمه أن يعرف إن كانت ابنته لا تزال على قيد الحياة أم لا ؟

قطبت يوري حاجبيها وفكرت قليلاً ثم أجابت :

- أظنه يعلم أنني لا أزال على قيد الحياة ، وإلا لما أستمر

في إرسال أحد رجاله بداية كل شهر ..

رمش ديدارا بتعجب و أطل ساسوري من الباب و قال بسرعة

وبإنفعال :

- أيرسل أحداً من رجاله إلى هنا ؟

إلتفتت يوري بإتجاهه وقالت بخوف :

- يا إلهي ... لقد أفزعتني !

تقدم ساسوري منها وقال وهو يجلس على الأرض :

- لم أقصد أن أفاجئك ولكنكِ أدهشتني ..أنتِ تمتلكين معلومات قيمة

رغم كل شي !

كان ديدارا هو الذي سألها هذه المرة :

- أحقاً ما قلتيه ؟

- أجل ..

شبك ديدارا ذراعيه أمام صدره وقال بتأمل :

- يطمأن على حال ابنته بداية كل شهر .. غريب ؟

عارضته يوري وقالت بصوت ساخر :

- يطمأن عليّ ! أنتَ لا تعرف ذلك الرجل ! إنه يرسل تابعه

ليأخذ نصف الدخل الشهري الذي أجنيه من بيع التحف ،

هذا المتجر ورثته عن أمي وهو يرى أن نصف الربح يجب

أن يعود إليه بما أنه زوجها ..

أطلق ديدارا صيحة تعجب وقال :

- يا له من وغد جشع !

استلم ساسوري الدفة مجدداً و عاد إلى صلب الموضوع

- كل ما علينا فعله هو الإمساك بذلك الرجل و إجباره

على إخبارنا بكل شي عن ريويتشي !

- أنت لا تعرف أتباعه .. إنهم مخيفون جداً ..

قهقه ساسوري بإستخفاف وقال :

- بل هم لا يعرفون من نكون ..

شعر ديدارا بالحماسة مجدداً لإمساكم بطرف الخيط

الذي سيقودهم لمعركة وشيكة .. قال بتفاؤل :

- رائع ! سيسيطر ساسوري نو دنا على دماغه و يجبره

على إخبارنا بكل شي ..

أرجع رأسه للخلف و أكمل بسرور :

- عندها سنتسلى بمطاردة ذلك الجبان !

وضعت يوري يدها على ذقنها وقالت ببطىء :

- لست واثقة من موعد قدوم تابعه ...

نهض ساسوري من مكانه و قال :

- ثلاثة أيام تفصلنا عن بداية الشهر الجديد .. سنمكث

هنا حتى يحين الوقت .. وأرجوا أن لا يجبرني على الإنتظار

طويلاً ..

- ستبقون هنا ؟ لا أظنك تعني .. منزلي ؟

إلتفت ساسوري نحوها قبل ان يعبر الباب وقال بلا مبالاه :

- ألديكِ إعتراض ؟

تنهدت يوري وتمتمت بإستسلام:

- وهل ستتركون لي مجالاً لأعترض ...

نزلت يوري عتبات الدرج المؤدي لمتجرها .. كان الوقت قد

تأخر كثيراً وكان عليها أن توصد الأبواب .. رأت الفوضى

التي سببتها محاولة هروبها و نظرت بحزن للفخار المكسور

قررت أن تؤجل تنظيف المكان إلى الغد .. تقدمت نحو

الباب الأمامي للمتجر وكانت توشك أن تقفله ولكنها لمحت

جزءاً من رداء الأكاتسكي .. خرجت للشارع و فوجئت

لرؤية ديدارا يقف بالقرب من الجدار و يبدو غارقاً في التفكير ..

كانت ليلة هادئة و مظلمة ولكن الأضواء المنبعثة من زجاج

المتجر أنارت المكان .. تقدمت يوري بإرتباك نحوه و قد

رآها لكنه لم يلتفت ..

تحدثت إليه بهدوء :

- ديدارا .. صحيح ؟

أدار رأسه بإتجاهه و أومأ لها مؤكداً

أسندت ظهرها على الجدار بالقرب منه

- ظننتك في الداخل مع شريكك ..

رفع ديدارا رأسه وقال :

- أردت استنشاق الهواء ليس أكثر ..

- هكذا إذن ؟ كنت أفكر بأنه يجب عليّ ان اشكرك على إنقاذك لي

لكنني أعلم أنك فعلت ذلك لتتجنب توبيخ شريكك

و لأنك تحتاج لما أعرفه ..

وافقها ديدارا قائلاً :

- معكِ حق ..

سكت لبرهة ثم أضاف :

- و هناك سبب آخر أيضاً

سألته بفضول :

- ما هــــو ؟

التفت ناحيتها وحدق بعينيها الصافيتين ثم أجاب :

- عرفتُ أنكِ تريدين أن تعيشي .. منذ اللحظة التي قابلتك

فيها علمت أنك من النوع الذي يتشبث بالحياة مهما كانت

قسوتها همم أقول ذلك لأنكِ تشبهينني في هذه النقطة ..

رمشت يوري بتعجب ثم رفعت عينيها للسماء المظلمة

- ربما ... قد تكون محقاً ، قلتَ لي أنك كافحت لتبقى

على قيد الحياة .. من الذي كان يهددك ؟

أبعد ديدارا عينيه عنها و بدا منزعجاً و متكدراً

تداركت يوري الأمر و إعتذرت قائلة :

- آسفة لم أكن أقصد مضايقتك ..

رفع ديدارا يده أمامه وحدق بها لبعض الوقت ثم

قال بألم :

- عندما كنت طفلاً .. كنتُ أتعرض للمعاملة السيئة بسبب

يديّ هاتين ، وصل الأمر بهم إلى سجني و عزلي عن الناس همم

نظرت يوري إلى يده وهي تشعر بتأنيب الضمير ، لم تكن مختلفة

عن من كانوا يعاملونه بقسوة ، كانت تريد أن تعتذر له مع

أنها لا تزال تشعر ببعض الخوف و لم تتقبل شكل يديه بعد ..

فتحت فمها لتعتذر ولكنها لسبب ما لم تستطع ..

إبتسم ديدارا لنفسه و قد عاد إلى سِمته المرح

وقال :

- لقد تخلصت منهم جميعاً .. أنا أفضل حالاً الآن همم

سألته يوري بحيره :

- لكن من أنتم ؟ أعني أنت و المدعو ساسوري ؟

إلتفت ناحيتها مجدداً وقال بفخر :

- الأكاتسكي !

لم يبد أن للكلمة أي تأثير على الفتاة اكتفت بهز رأسها

في حيره و إستنتج ديدارا أنه لم تسمع بهم من قبل ..

أدخل ديدارا يده في جيبه و أخرج البرتقالة التي إلتقطها

سابقاً .. رفعها عالياً لتتمكن يوري من رؤيتها ثم قال بمرح :

- أظنكِ أوقعت هذه ..

إبتسمت يوري بسرور وهي تأخذ الثمرة منه و شكرته

بحرارة .. لقد إنتظرت طويلاً لترى منتوج تلك الشجرة ..

أخرجت سكيناً صغيراً من جيبها و قسمت الثمرة إلى

نصفين متساويين وقدمت إحداهم إلى ديدارا وقالت مازحة :

- لم أتوقع أن تكون أميناً.. من شأنك ان تلتهمها في طريقك إلى هنا

- لقد فكرت بالتهامها ولكن اعتقدت أنها ربما كانت فاسدة

فالأفضل أن أعطيها لكِ !

ضحكت بسرور وقالت :

- أتمزح ؟ أنها طازجة تماماً

وافقها ديدارا بعد أن تذوقها و قد راقه الطعم كثيراً

نظرت يوري إلى حصتها وقالت متأملة :

- أنت مختلف عن شريكك .. أستطيع التحدث بحرية معك

ولكنني أرتبك حين أتحدث معه .. أهو جاد هكذا دائماً ؟

ألا تمل مرافقته ؟

قال ديدارا وهو يلعق إصبعه :

- ساسوري نو دنا شخص قليل الكلام همم لكن السفر معه

ليس سيئاً .. إثارة غضبه شيء ممتع و مسلي ..

ثم قهقه وهو يتذكر المرات الكثيرة التي تشاجرا فيها

و كيف كان يستمتع برؤيته فاقداً صبره و أعصابه..

- ماذا عنكِ ؟ أراهن أنكِ تشعرين بالملل طوال الوقت ؟

كانت يوري تراقبه عن كثب .. للحظات قليلة شعرت بالألفة

معه و بأنها تستمتع بمحادثته.. لكنها انتبهت الآن إلى ضرورة

عدم تجاوز الحدود التي رسمتها لنفسها .. لقد شيدت في نفسها

جدران معتمة تمثل ثقتها المهزوزة في البشر .. لا تستطيع تجاوزها

مهما بدا ديدارا لطيفاً فهي لن تثق به .. ألم يبدو والدها لطيفاً يوما ما ؟

إنتبه ديدارا إلى العينين اللتان كانتا تراقبانه ، فكر في نفسه

قائلاً :

" مالذي تفكر به يا ترى ؟ "

كانت على وجهها نفس النظرة المتجهمة التي لاحظها في وقت

سابق .. النظرة الحزينة التي تمثل خيبة أملها ..

تراجعت للخلف مبتعدة عنه وهي تنزل رأسها ثم حدثته قائلة :

- لا تسألني أي شيء عن حياتي .. أنت لست سوى شخصٍ

غريب .. لا يمكنني الوثوق بك .. لذا لا تتحدث إليّ و كأننا نعرف بعضنا جيداً ..

نظر ديدارا ناحيتها وقال بإندهاش :

- مهلاً ... هل فعلتُ أي شيء خاطىء ؟

وفكر في نفسه بأن تصرفها غريب جداً فهي التي بدأت الحديث معه

أبعدت يوري وجهها عنه و تحدثت وهي تتجنب النظر إليه :

- حتى الآن .. لم تفعل .

زفر ديدارا بضيق و أسند ظهره للجدار مجدداً وقال لها مطمئناً :

- لا افهم مالذي تعنينه بكلامك هذا ، و لكن ثقي بأنني لا أفكر

بإيذائك ..

ردت عليه بأسى :

- كاذب ! لا أستطيع الوثوق بك .. لا أريدُ أن أخدع مجدداً ، لقــد...

سكتت قليلاً ثم وضعت يدها على ذراعها و بدت متألمة ، أرادت ان تخبره

بشيء و لكنها ترددت قليلاً ، ثم حسمت أمرها و قالت له بحزن :

- في الشهر الماضي .. عندما جاء تابع ريويتشي .. تظاهر باللطف

وبأنه معجب بما أصنعه من خزف، أخبرني أنه غير راضٍ عما يقوم به

زعيمه و انه سيترك العمل معه متى سنحت له الفرصة ، كان أول شخص

يبدي إهتمامه بما أصنعه لذا ... وثقت به .

سكتت قليلاً و أنزلت رأسها للأسفل و قالت بمرارة :

- لكنه حاول إيذائي ... لقد نجوت منه بأعجوبه .. كان يجب ان اعرف..

لايجب الوثوق بأي شخص يعمل لصالح ريويتشي .. ولا بأي شخص آخر .

رفعت عينيها لتلتقي نظراتها الغاضبة الهائجة بعيني ديدارا المصدومتين

- لا أريد أن أتألم مجدداً لأنني أعطيت ثقني لمن لا يستحقها .. أخبر شريكك

بأنكما سترحلان من هنا بعد الإمساك بتابع ريويتشي و حتى ذلك الحين

لن نتحدث إلا في الأمور الضرورية...

قالت جملتها الأخيرة و هي تدخل إلى المحل و تتوارى عن الأنظار

بقي ديدارا وافقاً لبعض الوقت يفكر بما قالت .. يحق لها ان تفقد ثقتها

بالناس فقد تعرضت للكثير .. لن تلتئم جراحها بسهولة .. ولن يشعر بآلام

تلك الجروح إلا من يعانيها .. و لكن ديدارا كان يعرف ... فقد مر بتجربة مماثلة .

بعد مدة طويلة قضاها بين القضبان الحديدية للزنزانة المظلمة

ُفتح الباب أخيراً ليدخل منه رجلان و يفكا قيد الفتى ثم طلبا

منه ان يذهب معهما .. وهكذا بعد سنتين من فقدانه لحريته

و تعرضه للعذاب و الوحشة القاتلة إستدعاه قائد أرض الصخر

و طلب منه ان يسامحهم على تصرفهم القاسي و بأن الناس

تصرفوا بتلك الطريقة لأنهم كانوا في فترة حرب و كان من شأن

اي شيء ان يخيفهم و يفقدهم صوابهم ..

وهكذا عاد الفتى حراً ، تدرب ليصبح نينجا و قد أثبت جدارته

و حقق مرتبة جونين في فترة قصيرة و كان متميزاً بين اقرانه

فاليد التي كانوا يخافونها بالأمس مكنته من صنع أسلحة متفجرة

بقوة تمكنه من الإطاحة بالأعداء بسهولة ..

لكن النظرات الباردة الخائفة كانت تلاحقه في كل مكان يذهب إليه

لا يزال هناك من يراه مختلفاً عنهم .. بل ويتجنب الإحتكاك به ..

لقد صدق لفترة قصيرة بأن الجميع قد غيروا من افكارهم وبأن

بوسعه ان يعيش حياة طبيعة كأي نينجا آخر في قرية الصخر

لقد أعطى الجميع فرصة ليعيدوا ثقته بهم .. بل و ليسامحهم جميعاً

عما فعلوه في حقه .. ولكنه صدم حين علم انهم يتآمرون دون علمه..

- أسمعوني .. ذلك الفتى لا يجب الوثوق به ..

قال أحد الجونين محدثاً زملائه وهم يحتسون الشاي

و لم يعلموا ان من كانوا يتحدثون بسوء عنه يقف خارج

الغرفة و قد سمع ما دار بينهم ..

إرتشف رجل آخر من كوبه و أكد على زميله قائلاً :

- تلك المتفجرات اللعينة ! ماذا لو إستخدمها ليتخلص منا ؟

- لا يجب ان نتركه دون مراقبه ، إحذروا منه يا رجال وان حاول

القيام بأي شيء مريب ... تخلصوا منه ..

في تلك اللحظة علم الفتى أن محاولته لفتح صفحة

جديدة مع من عذبوه امر لا جدوى منه .. لقد كان على وشك

نسيان كل شيء .. لكنه بمحض المصادفة أيقن ان لا أحد منهم

يستحق عفوه .. وان أوان الإنتقام قد حان .

نهضت يوري مبكراً في صباح اليوم التالي .. نزلت إلى الطابق

السفلي و أعدت لنفسها كوباً من القهوة الساخنة .. ثم شمرت

عن ساعديها و باشرت العمل على تنظيف الفوضى ..

نزل ديدارا بعدها بوقت قصير و تردد قليلاً قبل ان يعلن عن وجوده

و يتقدم حيث تقف .. رمقته يوري بنظره لم يفهم معناها ثم

تحدثت إليه بأسلوب رسمي وكأنها تخاطب زبوناً :

- لا يزال هناك بعض القهوة .. أسكب لنفسك بعضاً منها

و إن شئت يمكنك الإنتظار لحين إنتهائي من ترتيب المكان

لأنني سأعد طعام الإفطار ..

أشعرته نبرة صوتها بأنه نزيل في فندق تديره فتاة حادة المزاج

إبتسم لنفسه ثم سحب قطعة قماش كانت تمسك بها و قال

متحدياً نظراتها الغاضبة :

- سنوفر بعض الوقت إن قمت بمساعدك .. إنني جائع همم

وضعت يوري يدها على خصرها وقالت بحزم :

- افعل ما شئت لن أعد شيئاً قبل انتهائي من التنظيف .

ساعدها ديدارا في تجميع قطع الفخار المتكسرة ثم نظفا

الارض و أعادا الرفوف الى مكانها و كان آخر شيء عليهما

القيام به هو اخراج صندوق المهملات خارج المحل ..

أنزل ديدارا الصندوق الثقيل في حاوية القمامة بمساعدة يوري

ثم وقف يتنفس بإرتياح لأنهما انجزا العمل في فترة وجيزة

و لمح علامات الإرتياح واضحة على وجه يوري ايضاً ..

كانت تمسح جبينها و تنظر بإتجاه الطريق الترابي المؤدي

للجبل .. وفجأة صدرت شهقة منها فإلتفت ديدارا ناحيتها

ليستطلع مابها ..

كانت تحدق بخوف و توتر ناحية الطريق و قد إتسعت عيناها

الزرقاوان دهشة .. تحدثت إليها بكلمات متقطعة مرتبكة :

- لقــــــد .. لقد أتى !

- من تعنين ؟

نظر ديدارا الى حيث كانت تنظر و رأى شخصاً يسير

بإتجاههما

إلتفتت نحوه وقالت له بخفوت :

- انه تابع ريويتشي .. استطيع تميزهم من الزي الموحد الذي يرتدونه

لا أعلم لماذا جاء مبكراً هذه المرة .. أدخل

بسرعة و أخبر شريكك بالأمر .. سأحاول إلهائه قدر إستطاعي ..

نظر ديدارا إليها نظره قلقة وقال :

- هل ستكونين بخير ؟

جفلت قليلاً ثم هزت رأسها ودفعته للداخل بسرعة وهي تقول :

- لا تشغل بالك ...

عادت يوري إلى داخل المحل و وقفت بإنتظار زائرها و هي تشعر ببعض

التوتر .. و فكرت في نفسها بخوف وهي تشاهد إقتراب الرجل شيئاً فشيئاً

" لا يمكن ... لا يمكن ان يكون نفس الشخص ، لقد اصيب اصابه بليغة ..

ارجوا ان لا يكون نفسه "

دخل الرجل باب المحل و تقدم للداخل و كان حذائه يحدث

ضجيجاً كلما تحرك خطوتاً للأمام .. كان يرتدي رداءاً بنياً داكناً

يغطي رأسه و كان يميز رداءه نقش غريب يميز أفراد جماعته..

قال الرجل بصوت خشن :

- لم نلتقي منذ زمن ..

بلعت يوري ريقها بخوف وهي تميز صاحب الصوت

ومالبث ان نزع غطاء رأسه لتتأكد شكوكها حول هوية الرجل ..

كان شاباً طويلاً ، شعره اشعث غير مرتب ، تعلو شفتيه إبتسامة خبيثة

و قد كان يغطي أحدى عينيه بعصابة سوداء ..

تراجعت يوري للخلف و هي تتنفس بتوتر ثم إصطدمت

بحافة طاولة الدفع مما إضطرها لأن تتوقف عن التراجع

و تبقى محدقة بالرجل المخيف ..

تحدث ثانية و هو يأخذ خطوة بإتجاهها :

- كيف حالك الآن يوري-تشان ؟

ردت يوري بتعلثم :

- إنني ... بخير ، لقد جهزت النقود ..

كان ديدارا و ساسوري واقفين على عتبات الدرج في مكان

يمكنهما من مشاهدة ما يجري دون ان يراهما ذلك الرجل ..

تحدث ساسوري بخفوت :

- في اللحظة التي يستدير بها للمغادرة سأنقض عليه ..

لم يجد جواباً من ديدارا مما جعله يلتفت خلفه ليتفقد زميله

و دهش حين رأها يحدق بإتجاه يوري و الغضب الممزوج بالدهشة

بادٍ في عينيه ..

تحدث ديدارا أخيراً :

- إنها تبدو خائفة .. أيمكن ان يكون هذا هو مــن ... ؟

رمش ساسوري و سأله في حيره :

- ما الأمر ؟

عض ديدارا شفتيه بعصبيه وهو يراقب ما حدث بعد ذلك

تقدم الرجل من يوري و هو يتصنع الإبتسام ثم قال :

- لم آت اليوم لأخذ النقود .. لم يحن الوقت أليس كذلك ؟

شبكت يوري يديها المرتجفتين و هي تشعر بخوفها يتفاقم

أكمل الرجل كلامه وهو يتحسس العصابة السوداء التي تغطي عينه :

- لقد كنتِ عنيفة جداً ، فقدتُ بسببك عيني ، هل تظنين انني سأترك

الأمر يمر دون ان تدفعي ثمن هذا ؟

قالت يوري بصوت مرتجف :

- ليتني إستطعت قتلك ...

ضحك الرجل ضحكة مدوية جعلت ديدارا يشعر بالإشمئزاز

ثم تقدم ناحية يوري و سحب يدها بقوة قائلاً :

- ستدفعين الثمن ، سأقطع يديك الصغيرتين هاتين قبل ان تتمكني من مهاجمتي ثانيتاً !

أطلقت يوري صرخة ألم و في الوقت نفسه إندفع ديدارا نحوهما

متجاهلاً تحذير ساسوري الذي صرخ فيه قائلاً :

- إياك ان تقتــــله !

صرخ ديدارا و هو يوجه ضربة عنيفة لوجه الرجل :

- أبعد يدك عنها أيها الوغــــــد !

سقط الرجل أرضاً بسبب قوة الضربة و أفلت يد يوري

أمسكت رسغها الذي كان يؤلمها كثيراً و إلتفتت ناحية ديدارا

كان غاضباً جداً .. يشع الغضب من عينه .. أمر يوري دون ان ينظر إليها :

- تراجعي للخلف ..

نفذت يوري ما طلبه دون ان تنطق و إبتعدت عنهما ، أخرج ديدارا بعض

الطين المتفجر من حقيبته و بدأ بتشكيل المتفجرات .. شعرت يوري

بضربات قلبها تزاد قوة .. لماذا يبدو ديدارا غاضباً جداً ومنفعلاً من

الرجل الذي حاول إيذائها ..

كانت غارقة في أفكارها ولكنها شعرت بساسوري الذي مر من

جانبها مسرعاً و توجه الى حيث يقف ديدارا و أمره قائلاً :

- توقف الآن ! إنه الخيط الوحيد الذي سيقودنا إلى ريويتشي

إياك ان ...

إنفجر ديدارا غاضباً وصرخ قائلاً :

- أيها الحقير ... أنت من سيدفع الثمن !

ثم إنهال على الرجل الواقع على الارض بالركل العنيف

و ألصق القنبلة الطينية بيده و بحركة واحدة فجرها

لتسقط يده و سط بركة من الدماء تصاحبها صرخة ألم مدوية ..

ذهلت يوري من هول المشهد ووضعت يديها على فمها لتكتم

صرخة كادت ان تطلقها ، لقد راعها ما حدث .. نزلت ببطىء على

الأرض و هي تتمتم بخفوت :

- لماذا ... لماذا ؟

إلتفت ديدارا ناحية ساسوري و قال :

- لا يزال على قيد الحياة .. إفعل ما شئت همم.

أوماً ساسوري برأسه موافقاً و تقدم ناحية الرجل

الفاقد للوعي ..

مشى ديدارا بمحاذاة المكان التي كانت تجلس فيه يوري

مذهولة و عاجزة عن الحركة وقال بهدوء :

- آسف لأنني لم أتمكن من قتله .. كان ذلك سيريحك أكثر همم

إلتفتت يوري نحوه و رفعت عينيها بإتجاهه .. كان يعطيها ظهره

لذا لم تتمكن من رؤية ملامحه ، سألته بحيرة :

- لمَ فعلت ذلك ؟

توقف ديدارا عن السير و قال دون أن يلتفت نحوها :

- لقد رأيت فيكِ نفسي ، حدث شي مماثل لي من قبل ،

لو أنني وجدت شخصاً أثق به وقتها لتغير وضعي بالتأكيد همم

أستطيع أن أفهم ما تشعرين به ...

ثم مضى صاعداً عتبات الدرج .. غطت يوري وجهها بيديها

و أجهشت بالبكاء إذ أحست بالأمان و بالتعاسة مزجتا معاً

ثم قالت بصوت صغيف خافت :

- ديــ... ديـــــدارا... !