مر ثلاث اشهر على موت اصدقائه، منذ ذلك اليوم اصبح ليفاي عضوا حقيقا في فيلق الاستطلاع. قد لا يبدو ذلك وقتا طويلا للكثيرين لكن بالنسبة للفيلق قد تكون هذه الفترة اطول من مدة حياة بعض الاعضاء فيه.

بعد جولة استطلاعية هادئة نسبيا وبينما ينهي بعض اعماله الورقية، ايروين سميث وجد نفسه يتأمل في وقت المجرم السابق مع الفيلق لحد الان. احس في نفسه بعض الرضى عن التقدم الذي احرزوه، قوة ليفاي التي لا تضاهى ستكون سلاحا ثمينا للبشرية. كما ان ليفاي ابدى بشكل مثير للدهشة امتثالا للاوامر و قياما بواجبه كجندي، بالتأكيد فانه لا يزال يتكلم باسلوب فظ ولا يختلط بالاخرين الا عندما تقتضي الضرورة ولا شيء يمنعه من التصريح برأيه مهما كانت رتبة الشخص الذي يكلمه الخصلة التي كانت تثير اعجاب ايروين ليكون صادقا مع نفسه.

ليفاي ايضا لم يؤذي ايا من اعضاء الفيلق ، عدا بعض المناوشات التي لا تلبث ان تنتهي قبل ان تبدأ بسبب الهالة المخيفة التي تحيط به، بالاضافة الى انه اثار اعجاب الكثيرين بقدراته انه كان ليكون ذا شعبية كبيرة لولا كونه يدفع بالناس بعيدا عنه.

لاحظ ايروين ايضا ان ليفاي رغم كونه لا يحمل رتبة عليا يوبخ بعض الجنود الجدد عندما يتقاعسون في عملهم او يتصرفون بطريقة قد تعرضهم وتعرض رفاقهم للخطر يمكنه ايضا ان يكون جسديا في ذلك فيعبر عن رأيه بركلة او ضربة احيانا، مع ذلك فانه يبدي شجاعة كبيرة و تفاني في القتال فهو اول من يهب لقتل العمالقة وكأنه يريد ان يستأثر بقتلهم لنفسه، لم يستطع ان يقرر اذا كان ذلك بدافع الانتقام منهم او حماية الاخرين، المرجح انه بسبب الاثنين معا!

اخيرا لم يقم ليفاي باي محاولة لقتله، الامر الذي كان مريحا له، يعرف ايروين انه لو اراد ليفاي قتله لفعل ذلك عندما كانوا في تلك الرحلة في مكان لقاء اصدقائه لكنه شخص عقلاني رغم استعداده للاقدام على المخاطر لن يتصرف بتهور فقد بقي حذرا من ليفاي في الايام الاولى التي تلت ذلك الحادث في حال كان مترددا فقط حين ذاك نتيجة صدمة الموقف او الشعور بالذنب.

يبدو ان ايروين في نهاية الامر استطاع اقناعه بالانضمام، هذا ليس بالامر الغريب فشخص باجنحة مثل ليفاي لا يمكن تقييده في بيئة ضيقة كباطن الارض او حتى داخل الجدران كل ما عليك هو انت تفتح عينيه فقط.

بقي ليفاي مع الفيلق بارادته ،ايروين يظن انه لا مغزى من اجبار الناس على القتال فاولئك لن يكرسوا قلوبهم باية حال وسيخونون القضية عاجلا ام اجلا.

الثقة كانت تزداد شيئا فشيئا بينه وبين المجند الجديد واذا تجرأ على القول الاحترام ايضا.

مع ذلك فان صديقه مايك ينصحه بالبقاء حذرا وعدم ائتمان ذلك القصير كليا، ليس الا قبل عدة ايام بدأ مايك يقلل من شكوكه بعد ان تعاون الاثنان في الميدان، شعور كان يبادله اياه ليفاي. ايروين يعتقد ان لهذا علاقة بلقائهما الاول مايك وهو اقوى جندي لديهم حتى التحاق ليفاي كاد يخسر في معركته ضده. هو لا يملك ادنى شك بان ليفاي كان ليفوز لولا خوفه على حياة صديقيه ومايك في قرارة نفسه يعلم ذلك ايضا، ليفاي من جانبه بدا وكأنه لا يزال يحمل بعض الضغينة ضد الشخص الذي اسره و امرغ رأسه في الوحل، من الجيد رؤية ان هذين الاثنين بدأ في الثقة ببعضهما خصوصا انهما في نفس الفرقة الان.

اوشك ايروين على الانتهاء تقريبا عندما سمع طرقا على الباب، دقيقا في مواعيده كالعادة "ادخل". دخل ليفاي المكتب "هذا تقرير رحلة اليوم الاستطلاعية، ايروين" يتناوب اعضاء الفرقة في كتابة تقارير الرحلات الاستكشافية ثم ترفع الى قائد الفرقة ليراجعها ثم يرفعها بدوره الى قائد الفيلق.

"شكرا، اجلس قليلا اوشكت على الانتهاء".

جلس ليفاي وعلى وجهه التعبير اللامبالي المعتاد والهالات السوداء حول عينيه بصمت منتظرا ايروين ليخبره بما يريده، وهو مستعد لتنفيذ اوامره. فهو قد قضى ايضا بعض الوقت يراقب قائد فرقته الجديد وهذا الرجل يبدو بالفعل صادقا في انه يريد الخير للبشرية بالاضافة الى انه يمتلك من الذكاء ما يجعله قادرا على احداث الفرق في الفيلق، لم يحتج ليفاي لوقت طويل ليعرف ان الكثير من التغيرات الايجابية في الفيلق كانت من تفكير ايروين، انه لا يملك شيئا ضد قائد الفيلق الحالي وانه ليبدو رجلا صالحا لكن لم يكن لديه شك في ان ايروين سميث سيشق طريقه ليصبح قائدا للفيلق يوما ما. كما ان ايروين ليكون صريحا مع نفسه لم يقلل من شأنه بسبب البيئة التي جاء منها او الطريقة التي جند بها واعطاه من الاحترام ما يعطي بقية الجنود.

" اسف لجعلك تنتظر، انهيت مراجعة التقرير وسأرفعه لقائد الفيلق لم نمن بخسائر هذه المرة".

"الفرق الاخرى لم تكن بهذا الحظ". "نعم، صحيح"

" مع ذلك فان اجمالي الخسائر اقل من كل مرة وهذا تقدم". اومأ ليفاي برأسه "ما الامر الذي تريدني فيه؟"

ابتسم ايروين ما كان يريد مناقشته لم يكن امرا متعلقا بالفيلق بل اراد ايروين ان يطمئن عليه، على الرغم من اداء ليفاي المتقن وتكييفه مع الفيلق الا انه لم يتلق تدريبا رسميا كافيا كما الاخرون والجنود الذين يقاتل معهم لم تجمعه معهم سنين طويلة في حين ان معظمهم تشارك سنوات من التدريب والعمل معا، كما انه خسر صديقيه منذ وقت ليس بالبعيد. ان ايروين لا يستطيع ان يسمح للذنب ان يسيطر عليه هو لم يكن يريد موتهما او موت اي من رفاقه او موت ابيه لكن لا يمكن لاحد ان يعلم كيف ستؤول الامور ولايجب ان يسمح لهذه الاحداث بان تعيقهم عن الوصول لهدفهم، غير ان هذا لا يمنع انهم كانوا غير عادلين مع ليفاي بعض الشيء وانه لم يسأل عن احواله في تلك الفترة رغم ان المجند الجديد لم يبد اي علامة على انه يعاني بعد تركهم لتلك البقعة على العكس كان يبدو اكثر هدوءا من بعض الجنود بعد تجارب مماثلة ، باستثناء انه علم ان ليفاي يكاد لا ينام.

" كنت اتسأل اذا كنت ستنضم الى الجنود في احتفالهم الليلة؟" تحدث ايروين بنغمة عادية تستخدمها للحديث مع صديقك. علا تعبير متحير وجه ليفاي "هل هذا كل ما كنت تريد ان تخبرني به؟ ام انها طريقتك الجديدة في بدأ الخطابات؟" رد ليفاي ورغم كلماته كان صوته يخلو من الانزعاج حقا.

ضحك ايروين وقال "اجل هذا موضوع سؤالي حقا، انت لا تمضي الكثير من الوقت مع الجنود خارج الواجب وتجلس وحيدا في اثناء الوجبات، اظن انه يجدر بك حضور هذا الاحتفال؟"

"هل هذا امر؟" قال ليفاي رافعا احد حاجبيه "اذا كنت تريد ان تبقيني تحت ناظريك فقل ذلك صراحة، لا داعي لتغطية الامر". اذا كان ايروين لا يزال لا يثق به كفاية ويريد ان يبقيه قريبا فلا بأس ولكن ليفاي يكره ان يتم خداعه او التلاعب به.

"لا على الاطلاق، انه ليس امرا في الحقيقة يمكنك ان تعتبرها دعوة اذا اردت، لست مجبرا على الحضور لكني انصح بذلك قد تجد جو مثل هذه المناسبات مخففا للضغط احيانا" ثم شعر ايروين انه بحاجة الى ان يضيف " كما انني اظن انك قد لاحظت باني لم اعد ارى داعيا لمراقبتك منذ فترة".

نعم لقد لاحظ ليفاي هذا بالفعل لذلك كان منزعجا قليلا من سؤال ايروين "هكذ الامر اذن، وما الذي يضمن لك انني لم اعد اريد قتلك؟".

" هل تريد؟ كلانا يعرف انه كانت لديك العديد من الفرص لقتلي لكنك لم تفعل؟" اجاب ايروين مع ابتسامة.

لم يرد ليفاي، وبعد برهة قال "ما هو المريح في مثل هذه الاحتفالات باية حال؟ احتفال بذكرى الملكية التي لا تعبئ الا بالنبلاء؟ انا لا اعلم لم قد يحتفل الجنود بشيء كهذا؟ بالاضافة الى انهم سيقضون وقتهم يتصارعون على الطعام ويفرطون في الشرب". انحل التوتر الذي كان قبل قليل.

"الامر لا يتعلق بالملكية بقدر حاجة اولئك الجنود الى الاحتفال، انت محق في كون بعض المجندين يتمادون قليلا لكنهم ليسوا في مهمة الان ونظرا لكون الفيلق يعيش تحت ضغط العمل وترقب الهجوم وخسارة الارواح معظم الوقت، اظنهم يستحقون ان نتساهل معهم احيانا ليستمتعوا بوقتهم قليلا اليس كذلك؟" قال ايروين متفكرا هو ايضا لا يظن ان الملكية تستحق الاحتفال بها، كثير من المواطنين يعيشون ظروفا مزرية اضافة الى الممارسات السرية لقتل كل من يعارض او يسعى للتغير كأبيه، لكن في مثل هذه المناسبات تكون الدولة اكثر كرما مع المواطنين حتى يطال كرمها الفيلق فيتمكنوا من توفير وجبة لائقة من الطعام والشراب مرة في العام.

" انا ليس لدي ذوق كبير للشراب ولكني استمتع بالصحبة، واثق ان الجميع سيسعد بصحبتك ايضا" اضاف ايروين.

"تش، حسنا سآتي انا لست من محبي الشراب كذلك رغم اني لا اثمل لكن يفترض ان تكون هناك نوعية جيدة من الشاي الاسود ايضا، اراك هناك" قال ليفاي وهو ينهض من على كرسيه خارجا من المكتب.

ملاحظات الكاتب: شكرا لوصولك لهنا، سيتم تحديث القصة قريبا. سيسعدني تعليقك لكن رجاء كن لطيفا هذه اول قصة اقوم بكتابتها.